«التجارة»: نمو قطاع خدمات الطعام 33% عام 2024    تحت رعاية خادم الحرمين ونيابةً عن ولي العهد .. أمير الرياض يحضر الحفل السنوي الكبير للخيل    «كايو» يصل إلى الرياض    إنجازات سعود الطبية في علاج السكتة الدماغية خلال 2024    11 فرصة عقارية بمزاد رواسي جدة    العليمي: تصنيف الحوثي «إرهابية» مدخل لإحلال السلام والاستقرار بالمنطقة    مانشستر سيتي يعلن ضم المصري عمر مرموش رسميا    قوات الاحتلال تعتقل 22 فلسطينيًا في الضفة الغربية    ولي العهد يتلقى اتصالًا هاتفيًا من وزير الخارجية الأمريكي    فرص تطوعية إسعافية لخدمة زوار المسجد النبوي    «الاحتلال» يصعد جرائمه في جنين.. مقتل مدنيين وإصابة مسن في هجوم إسرائيلي    تجمع القصيم الصحي يستعرض برامجه التدريبية والتأهيلية في ملتقى فرصتي 4    وصول الطائرة الإغاثية السعودية الثانية عشرة لمساعدة الشعب السوري    رابطةُ العالَم الإسلامي تُدين هجومَ قوات الاحتلال الإسرائيلي على مدينة "جنين" في الضفّة الغربية    هطول أمطار متفاوتة الغزارة على معظم مناطق المملكة.. ابتداءً من اليوم وحتى الاثنين    استراتيجية جديدة ونقلة نوعية قادمة لاتحاد التايكوندو    «أكاديمية الإعلام» تبحث تطوير الكفاءات الوطنية    اتحاد بنزيما «شباب وعميد»    بين «الجوادي» و«الحاتمي».. أحلامُ خيطٍ رفيع    ولي العهد للرئيس الأمريكي: توسيع استثمارات السعودية مع الولايات المتحدة ب 600 مليار دولار    السعودية تستعرض ثمار رؤيتها 2030    حرائق أمريكا.. هل من مُدَّكِر؟!    أفراح آل حسين والجحدلي بزواج ريان    الزميل رابع سليمان يجري عملية جراحية    عاصم يحتفل بقدوم عمر    مهرجان الخرج للتمور    أمير الشرقية يستقبل الفائزين من "ثقافة وفنون" الدمام    مدير الأمن العام يستقبل نظيره الجزائري    1000 معتمر وزائر من 66 دولة هذا العام.. ضيوف» برنامج خادم الحرمين» يتوافدون إلى المدينة المنورة    رئاسة الحرمين تفعّل مبادرة «توعية قاصدينا شرف لمنسوبينا»    الفيصلي يستقبل الجبلين.. وجدة ضيفًا على الجندل    البازعي ل«عكاظ»: الجيل الحالي نشأ في فضاء أكثر انفتاحاً ووعياً بأهمية الحوار    الداخلية» تطلق برامج مهنية لتطوير رأس المال البشري    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي ينهي معاناة مراجع مع مضاعفات عملية تحويل المسار بجراحة تصحيحية نادرة ومعقدة    3587 عملية قلب مفتوح وقسطرة في صحي جازان    وصية المؤسس لولي عهده    الراجحي: سياسة القضاء على العمل الجبري تعزيز لسوق آمن وجاذب    شهقة ممصولة    القيادة تعزي الرئيس التركي في ضحايا حريق منتجع بولو    وزير العدل يلتقي السفير الصيني    ندوة الإرجاف    المجتمع السعودي والقيم الإنسانية    ثقافة الابتسامة    مختل «يذبح» جاره في مصر.. مصدر أمني ل«عكاظ»: القاتل يهذي بكلمات غير مفهومة    سليمان المنديل.. أخ عزيز فقدناه    هندسة الحروب بين الشعوب!    نموذج الرعاية الصحية.. الأثر والرعاية الشاملة !    مستشفى الملك فهد الجامعي يجدد اعتماد «CBAHI» للمرة الرابعة    الفن التشكيلي السعودي في كتاب    "لسان الطير"    اختتام المخيم الكشفي التخصصي على مستوى المملكة بتعليم جازان    "ملتقى القصة" يقدم تجربة إبداعية ويحتضن الكُتّاب    أعمال العنف تؤكد رغبة إسرائيل في تعزيز الاستيطان    رابطة العالم الإسلامي تعزي تركيا في ضحايا الحريق بمنتجع بولاية بولو    حسام بن سعود: التطوير لمنظومة العمل يحقق التطلعات    بدء أعمال المرحلة الثانية من مشروع تطوير الواجهة البحرية لبحيرة الأربعين    الأمير محمد بن ناصر يدشن المجمع الأكاديمي الشرقي بجامعة جازان    وفد "الشورى" يستعرض دور المجلس في التنمية الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الهوية» تحرم 5 من مُسنات أودية الصهاليل من الضمان والمساعدات


جازان – عبدالله البارقي – (تصوير: أحمد السبعي)
موائدهن في رمضان تمر وماء من الوادي ورغيف خبز.
10 ساعات من السير في طريق وعر عبر الجبال للوصول لهن.
شريفة، وزرعة، وسعيدة، وشارة، وزائدة من القواعد من النساء، كانت تجمعهن سهول الأودية ليتحدثن عن حالهن، أما اليوم فبعد أن وصلن لسن التسعين فحالهن يسوء يوماً بعد آخر.. هؤلاء النسوة الخمس أنموذج لغيرهن ممن لم تصل لهن عدسات الصحافة، فهن لم يبرمن عقداً مع المعاناة لترافقهن في فترة عيشهن، وأكبر صور المعاناة هو ما يحيط بهن من فقر وحرمان من حقوقهن في الضمان الاجتماعي، والجمعيات الخيرية، والعلاج، والسعيدة منهن من كان لها أولاد يحملونها ويرعونها.
واستمرت رحلة «الشرق» خلال جولتها في منطقة الأودية بالصهاليل قرابة عشر ساعات ذهاباً وإياباً، وكان موعد الوصول إلى أولئك النسوة قبل دقائق من أذان صلاة المغرب.
غرفة وحيدة
شريفة الصهلولي تتناول أكلها أثناء الأذان
وعند وصول «الشرق» كانت شريفة علي مفرح الصهلولي تقف أمام غرفتها الوحيدة التي لا تجد فيها سوى بعض الدقيق والماء الذي عبأته من ماء الأودية لتروي عطشها، واستقبلتنا شريفة بكرمها وابتسامتها وبدأت مسرعة تبحث عما تقدمه لنا للإفطار معها غير أنها لا تملك سوى بعض التمرات، وما يجود به أهل الخير عليها في رمضان.. أفطرت شريفة والتي اعتلت التجاعيد وجهها الذي شاخ من هول حياة الأودية ببعض التمرات وشربة من ماء الوادي الذي تحفظه في بعض قوارير الماء المتهالكة لتلطفه من حرارة الصيف.
وبدأت شريفة حديثها عن حالها في رمضان بحمد الله، وأنها تعيش براحة وراضية بما قسمه الله لها ولكنها حزينة لأنها لم تعد ترى صديقاتها في الأودية ذات الطبيعة الوعرة، فقد أعياها تقدم السن وضعف البصر، وكانت شريفة تُمازح كثيراً عند السؤال عن عمرها، بقولها «إنني لازلت في الثلاثين، ثم ابتسمت وقالت أنا على مشارف التسعين من العمر».
لا ضمان أو مساعدات
وتقول شريفة إنها لا تعرف الضمان وتسمع به من الناس، ولا تصلها مساعدات الجمعيات الخيرية لعدم حمل الهوية الوطنية التي تعبت للحصول عليها، وأضافت «منذ وفاة زوجي قبل 60عاماً لم يعد لي أي قريب أو ابن يرعاني سوى جيراني لكوني مقطوعة في هذه الغرفة التي تبرع ببنائها أحد المحسنين بعد انهيار منزلي السابق المبني من الحجر، وليس لي ما أملكه سوى ثلاثة من الأغنام التي أحلب لبنها».
وأشارت إلى أن أهل الأودية لم يقصروا معها، وتصلها خيراتهم، وتابعت «حالي كحال غيري ممن فقدن أسرهن في هذه الجبال، وجيراني أوصلوا لي سلك الكهرباء لكي ينير لي غرفتي الوحيدة، ويحرصون على تأمين الماء والعلف لأغنامي، وأعتمد في الإفطار على الماء والتمر وبعض ما يرسله لي المحسنون من سكان الأودية، أما السحور فمن بقايا الفطور أو رغيف من البر مع لبن من أغنامي».
زرعة الصهلولي
زرعة بجوار كوخها
شريفة كانت أحسن حالاً من زرعة حسن حسين الصهلولي التي تماثلها في العمر، لكن حياتها أكثر بؤساً، فهي تعيش في كوخ الجبل، تُشعل النار وتقوم بخبز رغيفها على حجر، ثم تأكله مع الماء، وهي الأخرى رحل أهلها وتركوها لتكمل معاناة العصور السابقة، لا تعرف الكهرباء، ولا تصلها المياه إلا عبر بركة ماء تمتلئ من السيول.
وقالت زرعة إن كل شيء مُعلق ببطاقة الأحوال، وأضافت «أنتم ترون الطريق وعدم توفر سيارات تنقلنا، وإن سرنا يوماً إلي الأحوال مكثنا شهوراً نعاني من ألم الطريق في أجسادنا، ومنزلي لا أبواب له سوى هذ الكوخ الذي يظلني من حرارة الشمس ويقيني من الأمطار، غادر أهلنا وهاهم تحت التراب، وأصبحنا ننظر لقبورهم كل يوم، وسنغادر الدنيا ولم نحصل على بطاقات، ولا على ضمان، ولا مساعدات الجمعيات الخيرية».
وذكرت أنها اعتادت معرفة رمضان بسماعها صلاة التراويح، ووصول الخيرات إلى منزلها من سكان الأودية، وكذلك من بعض الطلقات التي يطلقها أهالي الوادي ابتهاجاً بقدوم شهر رمضان.
ودعنا زرعة وهي تدفئ جسدها النحيل في عز الصيف، فمع الصوم تتناول فنجان القهوة والتمر، وفي الصباح تقول «أراقب الأودية من كوخي، وخضرتها وعواصف الأمطار حينما تحل، والسيول التي تعزل جيراني الذين كنت أتحدث معهم».
سعيدة الصهلولي
سعيدة الصهلولي
وفي الطريق بعد مغادرة منزل زرعة الذي يقع في سفح الجبل، توقفنا عند جارتها سعيدة ناصر يحيى الصهلولي التي تبعد عنها بضعة أمتار وتسكن مع ابنها سلمان جابر (في العقد الخامس من عمره).
وقال جابر إنه أصابه اليأس من الحصول على بطاقة لوالدته التي أنهت كل إجراءاتها منذ سنوات، ولم يتبق سوى المواعيد، مبيناً أنه يضطر إذا مرضت والدته الذهاب بها إلي المستوصفات الخاصة لعدم وجود أي هوية لها، وأضاف «خدمات الأحوال وعرباتها لم تصل إلي والدتي ومثيلاتها اللواتي يسكن الوادي وأصبحن عاجزات وحُرمن من الضمان والعلاج ومساعدات الجمعيات الخيرية».
وذكر جابر أنه لا يملك سيارة ولا يعرف قيادتها، ولكن بعض أشقائه يذهبون بوالدتهم عندما يكون الطريق مفتوحاً ولم تغلقه السيول، مبيناً أن والدته يصيبها الإعياء وتمكث شهوراً مريضة عندما تركب السيارة، فهم يعيشون قرابة العشرين يوماً أحياناً في انتظار معدات وزارة النقل لفتح طرقهم التي تعبر الوادي.
الشيخوخة أقعدت شارة وزائدة
ولم نستطع الوصول إلى شارة علي قاسم، وزائدة أحمد نسبة، لدنو الظلام ووعورة الطريق، إلا أن عدداً من أقاربهما أكدوا بأنهما لم تحصلا على الهوية الوطنية، وإن صحتهما لم تعد تمكنهما من مراجعة الأحوال المدنية، وتسمعان عن عربات الأحوال ولكن لا تشاهدانها تصل إلى ديارهم.
وعورة طريق ومعاناة
غادرت «الشرق» قرى الأودية الوعرة بعد رحلة استمرت عشر ساعات، محملة بكثير من صور المعاناة والبؤس، وتسرد وعورة الطريق عديداً من قصص الألم.
وسرد سلمان قاسم قصة وفاة امرأة أثناء المخاض، حيث حملوها على أكتافهم بهدف الوصول بها إلى المستشفى، وفي الطريق ولدت طفلها، وبعد ساعات من حملها على الأكتاف لفظت أنفاسها فقرروا دفنها في إحدى المقابر، وعادوا بجنينها إلى المنزل ولكن دون أن يرى أمه.
مدخلي: عربات الأحوال لمَنْ لديهم بطاقات أو حفيظة نفوس سابقة
أبدى مدير الأحوال المدنية بمنطقة جازان علي مدخلي، استعداده لتقديم الخدمات، وطلب من أقارب الأسر تزويده بأرقام معاملاتهم في أحوال صبيا.
ووعد بأنه سيطلع عليها وينهيها إذا كانت مكتملة، مبينا أن إصدار بطاقة لمثل تلك الحالات يأخذ وقتاً.
وعن عربات الأحوال، قال مدخلي: «عربات الأحوال زارت عددا من المواقع، ولكن هي لمن لديهم بطاقات أو حفيظة نفوس سابقة، بالإضافة إلى أن العربة تعمل على خدمة 3 G للاتصالات».
* نظرات ألم من عيون زرعة
* مطبخ زرعة الذي تعد فيه وجباتها
* زرعة لايزال حلمها بأن تحصل على هوية وطنية وضمان اجتماعي
* زرعة في كوخها تخبز رغيفاً من الخبز و تعد القهوة
* زرعة بجوار كوخها
* سعيدة الصهلولي وابنها سلمان
* سعيدة الصهلولي
* غرفة شريفة الصهلولي من الداخل
* شريفة ممسكة بكيس التمر
* إناء الماء الذي تشرب فيه
* شريفة تشرب الماء أثناء الإفطار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.