اختتم حفل تدشين الجدارية الأولى من مشروع «جداريات» في لبنان، الذي يهدف إلى تكريس لغة الحوار، بعروض وأنشطة فنية تفاعلية، مستوحاة من أجواء الحرب والسلم ومواقف التعايش والحوار ورفض العنف. ودشنت مؤسسة الفكر العربي ومكتب منظمة اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية- بيروت، بالتعاون مع بلدية منطقة الشياح، واللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو، وثانوية المربي شفيق سعيد الشياح الرسمية، ومنظمات أهلية، مساء أمس الأول، الجدارية الأولى من المشروع، الذي ينظم تحت شعار «نتعرّف، نتحاور، نتماسك»، وينفذه طلاب ثلاث ثانويات رسمية في لبنان، في مناطق لبنانية مختلفة هي الشياح والشويفات وكفرشيما. وقالت ممثلة منظمة «اليونسكو» مي أبو عجرم، إن المشروع يأتي في ظل ما يشهده لبنان من عنف وصراع إلى حد إلغاء الآخر، وذلك من أجل تكريس لغة الحوار كبديل حضاري عن خطاب العنف والتشنج. ولفتت إلى أن المشروع انطلق من الثانويات تحديدا، لأن التربية ليست مواد تعليمية وحسب، وإنما تربية على المواطنة وتعزيز القيم المشتركة. من جانبها، أوضحت الأمينة العامة المساعدة في مؤسسة الفكر العربي الدكتورة منيرة الناهض، أن ما يميز المشروع، هو المنهجية التي تعتمد التواصل مع فعاليات المجتمع المحلي العاملة في مجال تعزيز القيم المشتركة، وغيرها من الفعاليات الرسمية وغير الرسمية، مبينة أن الفكرة بدأت من حوار مع المعنين في منظمة اليونسكو حول كيفية تحويل الساحات العامة إلى مكان للتعبير عن القيم الإنسانية المشتركة، وبث رسائل لتعزيز قيم الكرامة واحترام الآخر وقبول الاختلاف والتسامح والإنصاف، وأيضا تشجيع المواقف المجتمعية المرتبطة بالتماسك الاجتماعي، وفي مقدمتها التضامن والتعاون، ورفض التحيز، ونبذ الصور النمطية. وذكرت إن المشروع انطلق بعد أن تم تبنيه وإقراره من قبل إدارة مؤسسة الفكر العربي واليونسكو، لافتة إلى أن رئيس المؤسسة الأمير خالد الفيصل كان السباق إلى هذه المبادرة، بدعوته إلى نشر ثقافة الحوار، واعتباره أحد أهم الأولويات التربوية والثقافية. وأشارت الناهض إلى أن صياغة الرسائل تمت على مستوى الأفراد والمجتمعات المحلية، وفي المرحلة التنفيذية انتقلت القيادة إلى مجموعة تلاميذ من المرحلة الثانوية الأولى في ثلاث ثانويات رسمية، وأصبح التلاميذ محور المشروع ومحركه. وأفادت أن هناك سعيا لنقل هذه التجربة إلى أنحاء الوطن العربي، بهدف تكريس القيم الإنسانية في نفوس الشباب، وزيادة الوعي لقيم الحوار واحترام الاختلاف والتعبير. بدوره، قال رئيس بلدية الشياح إدمون جاريوس: نلتقي اليوم مع مؤسسة الفكر العربي واليونسكو ومنظمات المجتمع المدني على مفاهيم أساسية هي: الحوار والتماسك ونبذ العنف، وهي قيم تُبنى عليها الأوطان، وتُسهم في تغيير ذاكرة الحرب والدمار، مشددا على أهمية هذه الأنشطة بالنسبة لجيل الشباب، من أجل استخلاص العبر، وعدم الانخراط مجددا في أتون صراعات ضيقة. وألقت المربية نِعم ناصر الدين، كلمة باسم إدارة الثانوية، أكدت فيها أن الاختلاف لا يعني الخلاف، وإنما التنوع والتعايش في إطار الوطن الواحد، مشيدة بالنتائج التي حققها المشروع على مستوى التواصل ما بين تلاميذ الثانويات في لبنان، والمهارات التي اكتسبوها في ورش التدريب والعمل.