دشّنت مؤسّسة الفكر العربي ومكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية- بيروت، بالتعاون مع بلدية منطقة الشياح، واللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو، وثانوية المربي شفيق سعَيد الشياح الرسمية، ومنظمات أهلية أخرى ناشطة، الجدارية الأولى من مشروع "جداريات" (نتعرّف، نتحاور، نتماسك) الذي نفّذه طلاب ثلاث ثانويات رسمية في لبنان، في مناطق لبنانية مختلفة هي الشياح والشويفات وكفرشيما. وقد حضر الحفل ممثّلة منظمة اليونسكو للتربية والعلوم والثقافة السيدة مي أبو عجرم، ممثلة مدير عام وزارة التربية السيدة كارولين غسطين، الأمينة العامة المساعدة في مؤسّسة الفكر العربي الدكتورة منيرة الناهض، الأمين العام المساعد في المؤسّسة الأستاذ حمد العمّاري، رئيس بلدية الشياح الأستاذ إدمون غاريوس، مدير ثانوية المربي شفيق سعيد الشياح رامي الهبر، وممثّلون عن هيئات رسمية وأهلية، ومدراء مدارس المنطقة، وحشد من الطلاب والأهالي. وفي ألقت السيدة مي أبو عجرم كلمة عن أهمية المشروع، الذي يأتي في ظلّ ما يشهده لبنان من عنف وصراع إلى حدّ إلغاء الآخر، وذلك من أجل تكريس لغة الحوار كبديل حضاري عن خطاب العنف والتشنّج. ولفتت إلى أن المشروع انطلق من الثانويات تحديداً، لأن التربية ليست مواد تعليمية وحسب، وإنما تربية على المواطنة وتعزيز القيم المشتركة، معتبرة أن نقاط الاختلاف التي تجمعنا هي أقلّ بكثير من النقاط التي نلتقي عليها كأبناء وطن عربي واحد. أما الناهض فقد استعرضت في كلمتها عن إطلاق المشروع في هذا الوقت بالذات، بأنه يأتي في زمن تعلو فيه المتاريس في القلب والعقل، وبين أبناء الوطن العربيّ الواحد.. مؤكدة أن ما يميّز المشروع، هو المنهجيّة التي تعتمد التشبيك والتواصلَ مع فعاليات المجتمع المحلي العاملة في مجال تعزيز القيم المشتركة، وغيرِها من الفعاليات الرسميةِ وغير الرسمية. وأوضحت أن الفكرة بدأت من حوار مع المعنيين في منظمة اليونسكو حول كيفيّة تحويل الساحات العامة إلى مكان للتعبير عن القيم الإنسانية المشتركة، وبثّ الرسائل لتعزيز قيمِ الكرامة واحترام الآخر وقبول الاختلاف والتسامح والإنصاف، وأيضاً تشجيع المواقف المُجتمعيّة المرتبطة بالتماسك الاجتماعي، وفي مقدّمها التضامن والتعاون، ورفض التحيّز، ونبذ الصور النمطية.. موضحة أن المشروع انطلق بعد أن تمّ تبنيه وإقراره من قبل إدارة مؤسّسة الفكر العربي واليونسكو. وأضافت الناهض إلى أن السبّاق إلى هذه المبادرة صاحب السموّ الملكي الأمير خالد الفيصل رئيس المؤسّسة، بدعوته إلى نشر ثقافة الحوار، واعتباره أحد أهمّ الأولويات التربوية والثقافية، وأشارت إلى أن صياغة الرسائل تمّت على مستوى الأفراد والمجتمعات المحلية، وليس على مستوى النخبة والمفكِّرين والمنظِّرين. وفي المرحلة التنفيذية انتقلت القيادة إلى مجموعة تلاميذ من المرحلة الثانوية الأولى في ثلاثِ ثانويات رسمية، وأصبح التلاميذ محورَ المشروع ومحرّكه الفاعل. وختمت بتوجيه الشكر إلى شركاء المشروع كافة، مؤكدة أن السعي لنقل هذه التجربة إلى أنحاء الوطن العربي، بهدف تكريس القيم الإنسانية في نفوس الشباب، وزيادة الوعي لقيم الحوار واحترام الاختلاف والتعبير. كما تحدث إدمون غاريوس، عن ذاكرة هذه المنطقة المُثقلة بالحروب والصراعات الأهلية والاعتداءات الإسرائيلية، قائلا: نلتقي اليوم مع مؤسّسة الفكر العربي واليونسكو ومنظمات المجتمع المدني على مفاهيم أساسية هي: الحوار والتماسك ونبذ العنف، وهي قيم تُبنى عليها الأوطان، وتُسهم في تغيير ذاكرة الحرب والدمار.. مؤكدا على أهمية هذه الأنشطة بالنسبة لجيل الشباب، من أجل استخلاص العِبر، وعدم الانخراط مجدداً في أتون صراعات ضيّقة. وختمت المربية نِعم ناصر الدين باسم إدارة الثانوية بكلمة، أكّدت فيها أن الاختلاف لا يعني الخلاف، وإنما التنوّع والتعايش في إطار الوطن الواحد، وأشادت بالنتائج المهمّة التي حقّقها المشروع على مستوى التواصل والتشبيك ما بين تلاميذ الثانويات في لبنان، والمهارات التي اكتسبوها في ورش التدريب والعمل، والتي أسّست لنظرة مختلفة تجاه قضايا مجتمعهم.. حيث اختُتم الحفل بعروض وأنشطة فنية تفاعلية، مستوحاة من أجواء الحرب والسلم ومواقف التعايش والحوار ورفض العنف. جانب من جدارية: نتعرف.. نتحاور.. نتماسك