الدمام – إبراهيم جبر العباد: أنا متمسك بالسوق ولا أحد من «العيال» يعمل معي. لو كانت عندك حاجة ب «سوق مكة» هذه الأيام فإنك على الأرجح لن تصادف سعوديين يعملون بالمحلات التجارية المزدحمة به، التي ما زال بعضها يبيع بعض المنتجات الشعبية، فيما طغى عليها حالياً البضائع المستوردة وسيطر عليها الوافدون، بعضهم يعمل بمعية كفيله وكثير منهم يعمل لصالحه. لكن بقي السوق محتفظاً بتراثه ونكهته القديمة متمسكاً بسيطرة البضائع الرجالية. الموقع المميز «الشرق» قامت بجولة على السوق الأشهر في الدمام، الذي يقع غرب الجامع الكبير بوسط السوق، وتعود ملكيته لأحد أفراد أسرة آل ثاني، ولذلك تسمى العمارة الملحقة بالسوق «عمارة آل ثاني» كان لموقعه المميز بحي العدامة بالقرب من عدة أسواق كسوق الحراج والسمك والذهب الأثر في جعله المكان الملائم للأسر لشراء لوازم العيد.. الملابس الرجالية تخصص السوق في بيع الملابس الداخلية للرجال والأولاد، كما كانت بالسوق أيضا بعض المتاجر المعروفة والمشهورة لبيع لوازم السفر من «صناديق معدنية» بيضاء وملونة كذلك كان السوق مقراً لأشهر وكلاء بيع الحقائب الجلدية والبطانيات المشهورة، وكان به أشهر محلات بيع «العود والصندل والأعشاب الشعبية» وكانت به مكتبة (الهاجري) وهي إحدى المكتبات المشهورة بالدمام وكان جزء منها في الدور الثاني يحوي مبنى معهد الثقافة العربي وهو من أقدم المعاهد والمدارس الأهلية بالدمام التي تخرج منها كثيرون خاصة في الفترة المسائية. السوق أصبح للوافدين تغير السوق الآن.. ولم يعد كما كان أصبح «عتيقاً» وتحول عنه أصحابه.. فيهم من رحل عن دنيانا يرحمه الله.. وفيهم من أصبح الآن في أرذل العمر.. فترك الأبناء محلات آبائهم لبعض الوافدين من الجنسيات الآسيوية، الذين حولوها إلى محلات للحج والعمرة الأسبوعية وأنشطة أخرى. لم يتبق في «سوق مكة» سوى عدد قليل جداً من المواطنين التقينا بإثنين منهم من عائلة العباد، أحدهما الحاج عبدالله أحمد العباد استمر بالسوق طوال أربعين عاماً، وسلمان العباد فضل أن يخفي عدد السنوات التي أمضاها بالسوق لحاجة في نفسه. البضاعة تجلب من الهند الحاج عبدالله العباد في البداية قال الحاج عبدالله العباد ل»الشرق» كان أغلب تجار السوق يبيعون الصناديق الحديدية والحقائب والبطانيات والملابس، مشيراً إلى أن إيجار المحل في البداية كان 500 ريال أما الآن فيصل إلى 2500 ريال ويضيف العباد قائلاً: البضاعة كانت سابقاً تجلب من الهند مثل الصناديق «الحديدية» البيضاء والملونة التي تخصص السوق في بيعها، حيث يمكن ملاحظتها عند أغلب البائعين، أما الآن فهي تجلب من الرياض، نظراً لتوفرها في السوق المحلي. ونفى العباد ممارسته لأي وظيفة غير البيع في دكانه طوال السنوات الأربعين التي قضاها في السوق، وقال: لم أتوظف أبداً «أبيع وأشتري وأترزق الله في هذا الدكان. لن أترك السوق ونسأل الحاج عبدالله إن كان أحد أولاده يود أن يواصل مهنته بائعا مثله فيقول «لا أحد من العيال يشتغل معي كل واحد في وظيفته لا يريدون هذه المهنة، حتى أنهم يقولون لي تخل عنها لكنني متمسك بها. منظر عام للسوق من الخارج (تصوير: محمد رفاعي)