أزمة إغلاق باب نادي المنطقة الشرقية الأدبي، بالسلاسل والشمع الأحمر، وكأنه مسرح جريمة، وما جاء من تدخل وزارة الثقافة والإعلام بتكليف إدارة رباعية لتسيير الأعمال، بعد أن أوقفت عمل الإدارة القائمة، هو أمر يحتاج إلى كثير من التأمل والتفكر في تبعاتها. لست أحاول دفاعاً عن شخصيات بعينها عندما أؤكد أن ما حدث عاد بالضرر الكبير على بنية العلاقة بين الوزارة ومجلس إدارات الأندية الأدبية، وخاصة في مدى استقلالية الأندية وكونها مؤسسات مجتمع مدني. كلي يقين من أن الإدارة المعزولة مارست أخطاء عديدة، وأصابت الجسد الثقافي في المنطقة بكدمات ورضوض، أتمنى ألا تترك أثرها عليه ويعود جسداً لائقاً، قادراً على السبق، كما عهدناه.كان العديد من منسوبي النادي ومرتاديه يعيبون على الإدارة السابقة سلوكها، أثناء إدارتها للشأن الثقافي، وكان رد فعلهم أشبه ما يكون بمقاطعة أنشطة النادي، وعندما أعلنت فترة تسجيل عضويات الجمعية العمومية، زاد تصرف إدارة النادي سوءاً، ما حدا بالغالبية إلى عدم التسجيل، ومن ثم مقاطعة الانتخابات، لدرجة أن عدد المسجلين في العضوية لا يزيد على مائتي شخص، في حين كان المتوقع أن يسجل الآلاف. وجه الغرابة تبدى في أن إدارة النادي كانت تزايد على الإدارة السابقة عنها (الإدارة المستقيلة) بلباس الورع والالتزام بالتدين، ووطدت علاقتها مع عدد من الجهات التي لها الكثير من الاشتراطات على الثقافة والآداب، فصلت اللجنة النسائية خارج مقر النادي، وألغت برنامج العروض السينمائية.ولكن بمجرد أن رأيت الصورة التي نشرتها «الشرق» لباب النادي وهو مغلق بالسلاسل، حتى أشفقت على الأدباء، لأن مثل هذه الصورة توحي بما يناقض الأدب، حيث لم أكن أتمنى من الوزارة أن تتدخل بهذه الطريقة البوليسية، وأن يكون الحل بهذه الطريقة المهينة في التعامل، مهما كانت المشكلة التي واجهتهم. فالوزارة قادرة على الوصول لنفس النتائج بطرائق عدة، ليس بالضرورة أن يكون أحدها الشمع الأحمر والسلاسل المصفدة للأبواب. في تقديري أن لحداثة قطاع الثقافة في الوزارة تأثيراً على الكثير من إجراءاتها تجاه الأندية، ومن الملاحظ أن هناك خللاً ما في بنية العلاقة مع الأندية الأدبية، فهناك تفاوت واضح بين موقف وكالة الوزارة للشؤون الثقافية إبان ولاية د. عبدالعزيز السبيل الذي أكد بصريح العبارة -في مناسبات عدة- مدى استقلالية الأندية الأدبية إدارياً، وبين موقف الوزارة في الفترة الحالية الذي يشير إلى التراجع عن ذلك. كم أتمنى على الوزارة أن تقبل بالمسافة المتحققة بينها وبين الأندية عموماً، بل وتساعد في تحقيق المزيد من الاستقلالية للأندية الأدبية، فذلك يصب في المصلحة العليا للثقافة، فليس خافياً على أحد أن الإبداع الثقافي والفني يحتاج لمثل هذه الاستقلالية وأكثر، في عصر لا يأبه بالثقافة التي تنتجها الحكومات. كلي ثقة في الإدارة الرباعية المكلفة، وهم الأكفاء للعبور بالنادي من غرفة الإنعاش إلى فضاءات مملوءة بالهواء النقي، وليمسحوا تلك الصورة العنيفة من أذهان مثقفي المنطقة، حتى يتجرأ كل منهم على معاودة التسجيل في عضوية النادي، بما يسمح له بانتخابات جديدة.