صادف يوم الأربعاء الماضي 26/ رجب/1434 ه، والموافق 5/يونيو/2013م، الاحتفال باليوم العالمي للبيئة للعام 2013م، تحت شعار: «فكر وكل ووفر». وكما هو معروف فإن البيئة تمثل لنا الرئة التي نتنفس من خلالها الهواء النقي العليل، وهي بما تحتويه من جمال الملجأ للإنسان بعد العناء من التعب فيستمتع بجمالها ويُروح عن نفسه من خلال تأمله في أجوائها، فالبيئة هي كل ما يحيط بنا، ويؤثر على وجود الكائنات الحية على سطح الأرض متضمنة الهواء والتربة والمعادن والمناخ. وحديثي في هذا المقال سيتركز على: البيئة الطبيعية التي تتمثل في: الهواء، والماء، والأرض، ولأن البيئة هي الحياة فلابد من أن نحافظ عليها محافظة قوية وألا نعمل على تدميرها بأنفسنا، لأن ذلك سينعكس سلباً على صحتنا وصحة أبنائنا، وسيجلب لنا الأمراض الفتاكة المهلكة. وبيئتنا مع الأسف تتعرض لدمار هائل ومُهلك بسبب كثرة النفايات المتنوعة التي تُرمى عشوائياً بشكل دائم دون مراعاة لمشاعر الآخرين أو مراعاة لنظافة المكان نفسه. إن من أخطر ما يرمى من هذه النفايات هو (البلاستيك) الذي نستخدمه في جميع أغراضنا ومحتوياتنا، فمكائن البلاستيك الرخيصة الثمن التي تُستورد من الخارج تنفث مئات الأطنان من المواد السامة التي تُقولب على عدة أشكال منها: كاسات البلاستيك البيضاء التي مع الأسف لا تستخدم إلا في بلادنا، وكذلك علب الأطعمة البلاستيكية البيضاء التي تنتشر في جميع المطاعم، وخصوصاً «مطاعم الفول والكبدة» التي يتم وضع الطعام الساخن جداً فيها، حيث يتفاعل البلاستيك مع حرارة الطعام، ويتحول ذلك مع الحرارة إلى مواد مسرطنة، تفتك بصحة المواطنين، وكذلك أكياس البلاستيك بجميع أنواعها وأحجامها التي توزع بكرم منقطع النظير في كل سوق وبقالة عند شرائك أي غرض، ومن ثم تُرمى بشكل عشوائي في كل مكان. ومن المعلوم أن تلك الأنواع من البلاستيك ممنوعة في مجموعة دول الاتحاد الأوروبي، ولا يمكنك أن تشاهد مثل هذه الأكياس في أوروبا، بل يستغني كثيرون عنها بكيس من الحصير أو من النايلون المقوى قيمته لا تتجاوز ال(2يورو)، يباع في المتجر التمويني نفسه، ويعاد استخدامه مرات عدة عند التسوق وقد سرت هذه العادة عندهم على الرغم من وجود أنظمة صارمة فيما يخص وجوب النظافة وعدم رمي المخلفات في الأماكن العامة وغيرها. نحن في السابق لم نكن نعرف هذه المواد البلاستيكية، وكنا نستخدم أكياساً مصنوعة من القماش أو النايلون، ويستمر استخدامنا لها فترة طويلة، ونضع فيها حاجياتنا التي يتم جلبها من المخبز أو السوق؛ لذلك كانت بيئتنا نظيفة لا ترى فيها أكوام القمامة كما نراها اليوم، فالوضع اليوم أصبح كارثياً بسبب تناثر هذه المواد في كل مكان سواء داخل المدن أو خارجها في منظر يثير الدهشة والاستغراب، حتى أن الماشية التي ترعى في البادية تأثرت بشكل كبير من تلك المواد بسبب أكلها لها في بعض الأحيان، وتشير بعض الدراسات الطبية إلى أن الماشية تتأثر من المواد السامة الموجودة في البلاستيك فتتركز تلك المادة السامة في كبد الحيوان طيلة حياته، وإذا تغذى الإنسان على كبد ذلك الحيوان تأثر تأثراً سريعاً وأصيب بالأمراض الخطيرة. وهناك أسباب كثيرة لتأثر البيئة لدينا بهذه المواد منها تدني الوعي الثقافي لدى بعض الناس، حيث نرى أغلب المتنزهين يتركون مُخلّفاتهم في أماكنهم دون وضعها في الأمكنة المخصصة لها، مما يشوه الصورة العامة لتلك الأماكن، ويضر بالبيئة من جميع الوجوه، حتى أن هذه الظاهرة لفتت نظر كثير من الأجانب فذكروها في مدوناتهم ومؤلفاتهم؛ ومنهم على سبيل المثال المؤلف الياباني (تويواكي نوتوهارا) في كتابه (العرب، وجهة نظر يابانية) ذكر أن «الشعوب العربية يرمون المخلفات دون أدنى مبالاة». عموماً إن تكاثر المخلفات التي تحتوي على مواد بلاستيكية سوف يؤثر على بيئتنا تأثيراً كبيراً، ولابد من التدخل السريع في سن أنظمة وقوانين تمنع انتشار هذه الظاهرة السلبية، وذلك من خلال إخضاع جميع الاستراحات والمطاعم ومحطات الوقود للرقابة الصحية والبيئية بتوفير حاويات متنوعة لفرز النفايات البلاستيكية، وحاويات أخرى مخصصة للأطعمة، وأخرى للمخلفات الورقية والكرتونية، وأخرى للمنتجات الصلبة، بحيث يكون الفرز الأولي في الموقع نفسه، وتكون هناك شركات متخصصة ومهتمة بكل نوع من هذه المخلفات، لتتم إعادة تدويرها مرة أخرى، هذا من جانب أما الجانب الآخر فلابد من فرض عقوبات صارمة على مرتادي البراري والاستراحات وأماكن النزهة، وتحذيرهم من رمي مخلفاتهم، وتوجيههم لكي يضعوها في الأماكن المخصصة لها عن طريق وضع شاخصات ترشد الناس إلى ذلك. وختاماً ينبغي علينا رفع مستوى الوعي العام بالتفاعل الإيجابي، في المحافظة على بيئتنا وذلك بعدم رمي المخلفات بأنواعها في الطرقات والمتنزهات وغيرها، وإنما بوضعها في أماكنها المخصصة حتى نستطيع أن نخفف بذلك من التلوث البيئي وتغيب عنا جميع المناظر غير الحضارية التي لا تليق بنا بوصفنا مجتمعاً متحضراً.