تشن دول العالم المتقدمة والنامية على السواء حرباً كبيرة على منتجات البلاستيك، ولا سيما أكياس البلاستيك التي تعرضها الأسواق التجارية للزبائن لتعبئة مشترياتهم فيها. ففي بريطانيا مثلاً، قامت الأسواق التجارية الكبيرة باستبدال أكياس البلاستيك بأكياس ورقية، وعرضت بجانبها للزبائن أكياساً من البلاستيك المقوى الذي يستخدم مرات عدة بدلاً من البلاستيك الخفيف الذي يرمى بعد استخدامه لمرة واحدة. والسياسة نفسها في أميركا، كما فرضت الصين أخيراً أنظمة تمنع استهلاك البلاستيك الخفيف، وتُغرم الأسواق التجارية التي تعرضه لزبائنها، على رغم أنها – أي الصين- هي المنتج العالمي الأول لهذه المادة. ولا نحتاج إلى متخصص ولا بحث علمي لإثبات مضار البلاستيك بالبيئة، فالعالم المتقدم قد كفانا ذلك، والمكتبات ملأى بالكتب والبحوث التي تتحدث عن هذه المضار، فالبلاستيك من المواد التي لا تتحلل بسهولة، ويبقى ما يصل إلى 1000 عام من دون أن يفنى، وهو ما يسبب تلوثاً بيئياً ما لم يتم تجميعه وحرقه أو دفنه. ولا تقتصر مضار البلاستيك على الأكياس المستخدمة للتعبئة والتغليف، وإنما هناك تحذيرات صحية من قوارير مياه الشرب والمشروبات الأخرى المصنوعة من البلاستيك، وينصح الأطباء أيضا بعدم شرب القهوة والمشروبات الساخنة من أكواب بلاستيكية. وفي جولة خارج مدينة الرياض الأسبوع قبل الماضي، هالني ما شاهدت من تناثر أكياس البلاستيك على طرفي الطريق، وتعلق كثير منها بالنباتات الصحراوية، وعلى أشجار المزارع المحاذية للطرق، وعلى «الشبوك» التي تحيط بهذه المزارع. والأدهى أنه - وخلال طلعة برية في نفود السر - كانت أكياس البلاستيك تملأ الصحارى الجرداء وقد دفنت الرمال جزءاً منها، وبقي الجزء الآخر ظاهراً يقاوم عوامل التعرية. وكانت شكوى البدو وأصحاب الماشية كبيرة من نفوق ماشيتهم جراء التهامها قطعاً من البلاستيك المتناثر في كل مكان. وعلى الصعيد نفسه - في ما يخص البيئة - ليست هناك حاويات للمواد التي من الممكن إعادة تصنيعها كالورق والكرتون وغيرها. وما زالت هذه المواد توضع في حاويات النفايات التي لا يعاد تصنيعها وترمى من دون فائدة لأحد. ولا شك في أن تخصيص حاويات مخصصة للنفايات القابلة لإعادة التصنيع والاستخدام، وتوعية المواطنين بضرورة الفصل بين النفايات القابلة لإعادة التصنيع والأخرى غير القابلة سيوفر علينا هدراً كبيراً في موارد يمكن إعادة تدويرها والاستفادة منها، كما سيوفر قدراً كبيراً من الجهد والمساحات المخصصة للتخلص من النفايات. وأختم بالتوجه إلى نائب وزير الشؤون البلدية والقروية الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز، لتعجيل موضوع معالجة مشكلة البلاستيك، فكل يوم إضافي يمر يعني مزيداً من أطنان البلاستيك المؤدي إلى مزيد من التلوث وفساد البيئة ونفوق الماشية. فيا سمو الأمير تحركوا قبل أن يفسد البلاستيك بيئتنا ومعيشتنا، وتأكدوا أن المواطن السعودي سيكون مبادراً للعون والمساعدة، ولكن ساعدوه بتخصيص حاويات متخصصة ليساعدكم. * اقتصادي سعودي- بريطانيا [email protected]