لا أعرف عضو مجلس الشورى الدكتور موافق الرويلي إلا أنه رجل صاحب قضية يعمل عليها بإصرار وحماس شديدين، وهي سعيه إلى تجريم حاملي الشهادات العلمية المزورة والوهمية التي غزت البلد وتزيَّن بلمعانها كثيرون كأن المرء لا يكتسب قيمة إلا إذا غدا “دكتوراً” وهي حالة تشابه كثيراً صورة المشيخة التي يتلبسها فئات يدعون العلم الشرعي فيصبحون “مشائخ” لهم حصانة غريبة توشك أن تجعل الدين قائماً عليهم وسينهار إذا مسهم ضرر. قد لا ينجح المزورون في اعتلاء كراسي التدريس في الجامعات لكنهم يرتدون “الدكترة” في الملتقيات، ويذيلون بها المقالات، وتكون تعريفاً لهم في الحوارات وربما كانت معبراً للتسلل إلى وظائف عامة أو خاصة. ولعل فضائح جامعة “كولومبس” الخرافية هي الأكثر تدافعاً هذه الأيام؛ إذ انتشرت قوائم تحمل أسماء تتهمهم بحصولهم على الشهادة بفضلها. وما يثير التساؤل هو أن الدكتور محمد النجيمي أشرف على إحدى شهاداتها وأجازها، بحسب خبر صحفي، ما يستدعي أن يوضح النجيمي حقيقة الأمر. يجب ألا يبقى موافق وحيداً في الميدان، بل يجب على الأكاديميين الأصلاء أن يطهروا ساحتهم، وأن يطردوا الدخلاء عنها لأن انهيار قيمة الشهادة يستتبعه سقوط قيمة العلم وما يتصل به من احترام معرفي واجتماعي، وحينها ستكون اللصوصية العلمية هي السائدة، والقائمون عليها هم المرشدين والموجهين. هذه الجريمة هي التحدي الأخطر، فالجرائم الجنائية لا تستجلب الإعجاب والتقدير بل ينال أصحابها النبذ بعد العقاب، أما هذه الجرائم فهي مخاتلة تشكك في كل قيمة وتحتقر كل جهد، وشيوعها علامة اطمئنان ممارسيها إلى سلامتهم من العقاب فضلاً عن اكتساب وجاهة أو منصب. إذا كان أعضاء الشورى يتنطحون لوسام الملك عبدالعزيز، فإن موافق الرويلي يستحقه فعلاً إن نجح في إكمال مهمته ومنحها القوة اللازمة لتكون مقصلة تتساقط حولها جثث الشهادات المزورة.