قصاصة من مقالة كيف يضربك الجبان معاذ الحاج مباركي سبق لي كتابة عدة مشاركات أختلف فيها مع ما تطرحه الكاتبة الكريمة سهام الطويري، وكنت أنتقد تلك المقالات التي أعتقد أنها تميل إلى التحرر المطلق الذي لا يتفق مع المناخ السائد الذي تحياه المرأة في المملكة. ولكن بعد قراءة مقال (كيف يضربك الجبان إذا خاف ؟) أكثر من مرة شعرت بتأييد على الرغم من أنني ليس لدي اطّلاع على وسائل التواصل، ولست من المتابعين لها لانشغالي الدائم بالكتب وقراءتها، فهي تشكّل ملاذي الآمن بعد الكتاب الكريم، ولكن حديثك عن الخوف وتشريحك للجبناء قادني إلى حدس أنك عايشت أزمة معيّنة، ربما مع شريحة بشرية معينة أو أشخاص أساءوا إليك كما ذكرت من زواياهم الكهفية على أية حال أياً يكن السبب، فالحديث عن الجبناء بمختلف أنواعهم بات أمراً مُلحّاً وليس بأقل من تعرية نوازعهم الغريزية التي تزكم الأنوف عفناً، وتؤذي الأرواح الزكية تربصاً وخيانةً ولؤماً، وهم يتكاثرون في زمننا بفعل الأسباب التي ذكرتها صراحةً في سياق مقالك الواضح والجريء جداً في زمنٍ تعزّ فيه الشجاعة، فكلما خضتِ في الحديث عن قيم ومبادئ وسلوكيات أجدك كاتبة بحجم الوطن ولاءً وصدقاً، ولقد كانت كلماتك القوية والمضيئة وإن كانت تختزن انفعالاً لا أعرف سبب مصدره ومنشؤه إلا إنّه جدير بالتأمل لا سيما عند قولك «شخص خلق بسمة الجبن وهي سمة من مزيج مبطن من مشاعر الحقد والانتقام والكراهية والغيرة والغدر – والعياذ بالله من هذه الأركان المخيفة والسوداء – يثبط خروجها الصريح العجز النفسي عن الوقوف بشجاعة لمواجهة رد الفعل العنيف المقابل، وبالتالي فإن الجبان لا يستطيع أن يتطور إلى متسلّط أو يتحور إلى دكتاتور لأنه يفتقد الشجاعة والقوة» على الرغم مما يفرزه زمننا الراهن من متسلطين وديكتاتوريين غاية في الجُبن والرعونة والانتقام والحقد والتهور السياسي، وكل ذلك ليس له ثمة صلة بالشجاعة إلا أنه سلوك معلن وليس بالجُبن المبطن؟! والأدهى والأمر عندما ترى الجبناء يتحركون بتربصاتهم وخداعهم الجبان ومكرهم ودسائسهم الدفينة التي يحيكونها ليل نهار لتدمير السلام في حياة الآخرين، ولتقويض الطمأنينة ولقتل الإنسان بشتى أنواع القتل والغدر فهل تظنينهم شجعاناً!؟ لا إنهم أجبن الجبناء. كذلك جميل قولك « لايدرك الجبناء أنّ إعادة تقدير الذات حقيقة قد يستحقونها ولو لم يكونوا مجبولين عليها فطرياً، فالإيجابية والاندماج في المجتمع والبيئة ليس عسيراً إنه لايتطلب سوى إعلان الحرب على الانطوائية التي يستفرد فيها الشيطان بالأفكار والوسوسة ونزع لثام السكوت عما تكنه النفس أمام منتقديها، الذين يعرفونها على أرض الواقع حتى يتجرد بجلاء للمنطقية لتصحيحه وتعديله. لم يكتب التاريخ للجُبناء موقفاً بطولياً بتحولهم وتطورهم واعتناقهم الشجاعة ..» وحتماً لن يأتي هذا الموقف البطولي من جبناء، فالبطولة ومواقفها هي محصلة الشجعان.