حسب رأي بطل فيلم غربي فإن الشجاعة كميتها محدودة عند الإنسان، وأن امتحان الشجاعة الحقيقي هو بعد انتهاء هذا المقدار. ولا أدري على حسب هذا الكلام إن بقيت عندي شجاعة أم أنها انتهت، أو أنني أخبئ منها كمية للمستقبل. أظن أن الشجاعة ليست بالكمية أو المقدار، أو حتى بالكيلو، لكنها مواقف وامتحان كبير. وكانت الشجاعة في الماضي حروبا وسيوفا ودماء ومنية. أما اليوم فهي بالكاد كلمات، أو بضعة سطور هنا وهناك، إن وجدت أيضا. أما إذا اقتنعنا بكلام بطل الفيلم السابق فأحسب أن كثيرا بل وملايين البشر في الدنيا يخزنون شجاعتهم، أو أنها انتهت فعلا في أيام طفولتهم وصباهم وشقاوتهم. فآخر ما يفكر فيه الناس اليوم هو أن يكونوا شجعانا، وأول ما يفكرون به هو كيف ينجون بأنفسهم، وكيف يتعلمون الجبن بطريقة لبقة ومهذبة وجميلة!. وعلى عكس اللباقة كان أسطورة الشجاعة الشهيرة عنترة بن شداد يصرخ: «فلا تخش المنية واقتحمها ودافع ما استطعت لها دفاعا». وكان معه الشاعر العظيم المتنبي يقول: «وإذا لم يكن من الموت بد فمن العجز أن تموت جبانا». لست رومانسيا ولا مثاليا اليوم لأطالب الناس بشجاعة نادرة أو بطولات خارقة لا أستطيعها أنا شخصيا، غير أننى أتألم حينما لا أجد ذرة شجاعة عند رجل يهان، ولا أرى قطرة شجاعة مع ظلم فادح يتعرض له إنسان ولا يعترض عليه. نفتقد الشجاعة اليوم، لأن هناك شجاعة ممكنة يطردها الناس من قاموسهم لأسباب كثيرة، بعضها نفهمها أو حتى نقدرها وغيرها نجهلها. حتى كلمة «لا» تعتبر اليوم، وفي كثير من الأحيان، كلمة في قمة الشجاعة بينما هي مجرد كلمة اعتراض فقط. تعز الشجاعة على البشر هذه الأيام، بينما تنتشر عند الكثيرين منهم عندما يعتقدون أن وقاحتهم مثلا والفهلوة ومخالفة القوانين وغيرها شجاعة ما بعدها شجاعة!. [email protected]