أبو ظبي – حسين الحربي الخرباوي: ولاء «الإخوان» للجماعة وليس للإسلام طالب أستاذ الأدب والنقد الحديث في جامعة الأقصى الدكتور خضر عطية، بالوقوف مع الأزهر في مواجهة الدعوات التي تريد الإجهاز على دوره الوسطي التاريخي الرائد. وقال عطية في حديث ل»الشرق» على هامش مؤتمر «مستقبل الثقافة العربية الإسلامية الوسطية»، الذي اختُتمت أعماله أمس في العاصمة الإماراتية أبو ظبي: إن الإسلام الذي تبشر به الحركات الإسلامية المعاصرة هو إسلام يكتنفه كثير من اللبس والبراجماتية بناء على قاعدة أصولية يتم توظيفها توظيفاً مخالفاً، مؤملاً أن يتمّ الانتباه إلى نوع الإسلام وطبيعته والمسلمين في الشرق والمسلمين في الغرب. وأوضح أن على رجال الدِّين حفظ حدود مصالح الآخر؛ واختصاص رجال السياسة بحفظ حدود الدولة، لكن ما يعقّد واقع الصراع المعاصر بين التيارين يتمثل سببه في وجود وعيين مختلفين يمثل كل منهما نقطة جذب نحو طرفه: وعي سلفي يركز على العودة إلى ما كان؛ ووعي بنيوي أساسه ما هو كائن. وأشار عطية إلى أن حركة «الإخوان المسلمين» لم تصدر عنها دعوة وسطية؛ لافتاً إلى أن الوسطية التي دعا إليها بعض زعماء الإخوان هي دعوة براجماتية مرحلية، هدفها الوصول إلى مرحلة التمكين؛ مضيفاً أن هذا ما نراه اليوم في سلوك الحركات الإسلامية التي ظهرت على حقيقتها عندما انتقلت إلى ممارسة السلطة. من جانب آخر، أوضح مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية الدكتور جمال السويدي، في ختام أعمال المؤتمر أن التوصيات التي خرج بها المشاركون تحمل أهمية، لاسيما تلك التي تشدد على ضرورة التمسك بانتهاج الثقافة الإسلامية الوسطية النابعة من الدين الإسلامي ومبادئه السمحاء وروح التسامح وسمو الأخلاق. وبيّن أن من أهداف مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أن يعمل من أجل إشاعة مبادئ الأمن والاستقرار والسلام، في المنطقة والعالم، لافتاً إلى أن موضوع المؤتمر وفّر فرصة للبحث في المخاطر والتهديدات التي هدّدت في الماضي الفكر الإنساني العربي الإسلامي الوسطي، وتهدّده حاضراً ومستقبلاً، وتهدّد ما يسعى لبنائه وتعزيزه في مد جسور الحوار الحضاري بين الثقافات الإنسانية، بصرف النظر عن الدين والمذهب والعرق والجنس واللون، واستشرافاً لما ينبغي عمله لحماية الشعوب العربية والإسلامية والعالم مما يمكن أن ينجم عن التعصب والتطرف والغلو وسياسة الإقصاء وفرض الرأي الواحد ورفض الحوار، وغير ذلك من مخاطر العنف والإرهاب والاختلال في النظام القيمي للمجتمعات العربية والإسلامية والإنسانية. من جهته، كشف عضو جماعة الإخوان المسلمين السابق الدكتور ثروت الخرباوي، أن هذه الجماعة لم تنشأ في مجتمع علماء، بل نشأت في مجتمع تنتشر فيه معدلات الأمية بشكل واسع. وقال الخرباوي، خلال الجلسة الثالثة في المؤتمر، التي حملت عنوان «حركات الفكر الإسلامي السياسي المعاصر: الإخوان المسلمون»، وأدارها عميد كلية الشريعة والقانون في جامعة قطر سابقاً الدكتور عبدالحميد الأنصاري: إن للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين مرجعية ليس فقط بالنسبة إلى قواعد الجماعة، ولكن سلطة المرشد ومرجعيته تمتد أيضاً إلى قيادات الجماعة، والبيعة للمرشد أساسها الولاء للجماعة، لا للوطن أو الإسلام، مضيفاً أن هذا التنظيم لدى أعضاء الجماعة هو عبارة عن «معبد». وبيّن أنه يمكن القول إن جماعة الإخوان قامت بعملية «أخونة الإسلام» وقدمت فهماً ضيقاً للإسلام، وأن هناك نفاذية واضحة للأمور الشكلية في فكر الجماعة، على حساب الجوهر، والمقاصد العامة للدين الإسلامي الحنيف، وبخاصة الشريعة الإسلامية. وتابع: في الواقع، إن الإخوان المسلمين، وهم يقومون باستعادة الدولة الإسلامية المفقودة، فإنهم يسعون بذلك لتأسيس دولة الخلافة؛ ومن ثم تحقيق ما يسمونه أستاذية العالم، التي تحدث عنها حسن البنا مؤسس الجماعة عام 1928. واستطرد الخرباوي قائلاً: هناك قضية مهمة فيما يتصل بإشكاليات فكر جماعة الإخوان المسلمين، تتمثل في إضفاء نوع من القداسة على الأشخاص، واستخدام مصطلحات غير دقيقة، فمثلاً هناك مركزية في هذا الفكر ليس لحسن البنا فحسب، موضحاً أن المرجعية المركزية للمرشد في جماعة الإخوان المسلمين تمثل مشكلة بالنسبة إلى الوضع الحالي في مصر، فالرئيس المصري مثلاً بحكم منصبه، ملزم بهذه المرجعية، ولا ترى الجماعة إلا الرأي الواحد، وليست هناك تعددية؛ ومن ثم فالاختلاف في الرأي غير موجود داخل الجماعة، واختلاف الإخوان في الرأي مع التيارات السياسية والفكرية الأخرى معناه بالضرورة الخلاف مع هذه التيارات. وقدّم عدد من المشاركين 15 ورقة خلال أربع جلسات امتدت ليومين في المؤتمر، الذي انطلقت أعماله أمس الأول بكلمة للسويدي أوضح فيها أن الثقافة الإسلامية الوسطية تعيش أزمة حقيقية وسط التشدد والتطرف الأيديولوجي، لافتاً إلى أنه ليس هناك من مخرج أو بديل سوى دعم هذه الثقافة الوسطية ومساندتها.