قد تتبادر إلى ذهن القارئ من الوهلة الأولى أفكار كثيرة قد تكون سلبية من عنوان المقال، وهذه صفة تعوّدنا عليها ولكنها مقبولة لارتباط مصطلح الغزو دائماً باحتلال الأراضي وإحلال ثقافة جديدة قد تكون غريبة على المجتمع يصعب عليه تقبلها في البداية، بل ويقاومها بكل الوسائل حتى لو كانت في ظاهرها في صالحه، لسبب بسيط أنها فُرضت عليه بالقوة وذلك يتنافى تماماً مع المقصود من هذا العنوان، فلو تمهّل قليلاً واستدرك أن المقصود من ذلك هو إصلاح المجتمعات سواء فكرياً أو علمياً أو ثقافياً وغيرها، ونحن بفضل الله نتميز في كثير من المجالات الدينية والدنيوية المرتبطة والمتوافقة مع بعضها بعضاً بشكل تلقائي، بل أكاد أجزم بأننا من أكثر الأمم القابلة والمهيأة فعلياً لتكون نبراساً لأي تطور حضاري، ولكننا نفتقد إلى قصور تطبيق هذه المعادلة الصعبة وعمل التوليفة المناسبة منها لتسيير المجتمع في الطريق الصحيح لتحقيق الأهداف المرجوّة لإبراز أعمالنا كنموذج يُقتدى به، فكما نشاهد أن أغلب الأمور النافعة والمفيدة التي ترد إلينا من المجتمعات المتطورة هي من المخزون الثقافي والديني والاجتماعي لدينا، ولكن مع الأسف لم نستطِع توجيهها بالطريقة الصحيحة لتحقيق أهدافنا، ولا توجد لدينا طريقة سليمة في إيصال الرسائل التي نرغب في بثها للمتلقي بالشكل السليم لافتقارنا إلى البيئة المناسبة لذلك، مع قلة المتخصصين والمميزين، وكذلك الدراسة الكافية التي تساعد على نشرها، إضافة إلى عدم مواكبتنا المستجدات التي طرأت على المجتمعات، وعدم تطويرنا الأساليب المناسبة لمواكبة تلك التطورات، فأصبحنا مجتمعاً مغلقاً على نفسه لا يسمع ولا يرى إلا ما يمليه عليه الآخرون دون تمحيص أو فهم لما يدور حولنا، بل أصبحنا كمن يفغر فاه لكل ما يرى ويسمع وكأننا نعيش في عالم آخر مع الأسف، مما يتطلب منا في البداية إعادة تقييمنا أوضاعنا وأين موقعنا من هذا العالم حتى تتسنى لنا البداية من حيث انتهى الآخرون دون المساس بالأصول، فديننا وثقافتنا المستقاة منه قابلة للتعايش مع أي زمان وفي أي مكان، بل وتطويره بالشكل المميز بما يتناسب مع التطورات الحضارية المؤثرة في جميع المجالات بالمجتمعات المتقدمة، وعدم اعتمادنا على الآراء الأحادية في نشر ثقافاتنا وأفكارنا، فنحن لسنا في معزل عن هذا العالم، فقد أصبح العالم قرية صغيرة، فكل ما يحصل في أقصى العالم بضغطة زر يكون بين يديك، على أن يتوافق ذلك مع مسيرة الإصلاح في جميع نواحي الحياة بما يضمن عمل تركيبة مميزة تساعدنا على بلوغ أهدافنا وتحقيقها بنجاح، فكثير من الدول المتقدمة استطاعت في زمن قياسي أن تنتشل نفسها من الهزيمة والانكسار فبدأت تفكر من أين تبدأ؟ فتوصلت إلى أن العلم يعتبر أفضل وأسرع طريقة لتحقيق مبتغاها، فهو النبتة التي تثمر علماء ومتعلمين ومثقفين ومفكرين تنهض على أكتافهم الدول كأوروبا واليابان برغم ما عانوا من حروب، وكذلك ماليزيا وغيرها من الدول التي لا نقلّ بأي حال من الأحوال عنهم، فنحن نملك كل مقومات النجاح من عقول وأفكار، ولكن نفتقد إلى التخطيط المستقبلي السليم، فنحن دائماً فدائماً حلولنا وخططنا وقتية تعتمد على ردة الفعل للحدث، إضافة إلى ذلك نحتاج إلى من يستطيع أن يوجِد من كل هذه المقومات خلطة سحرية للنهوض بالمجتمع وتسريع إفاقته، مع انتشاله من عدم الإحساس بالمسؤولية واللامبالاة المقيتة التي تعيق تطور أي مجتمع حديث، فلابد أن يقوم كل فرد في المجتمع بمسؤولياته الملقاة على عاتقه، وأن يشعر بأنه الركيزة الأساسية في مجتمعه، وهكذا نستطيع أن نكوّن قاعدة سليمة من أنفسنا تستطيع أن نغزو بها العالم. فالإرث المكتسب والمتمكن من عقولنا عبر التاريخ يعتبر مخزوناً فكرياً متذبذباً ورجعياً لاحتوائه على شوائب كثيرة تعكر صفاءه ونقاوته الجميلة يكاد يتصادم مع كل ما نجده واقعياً في المجتمعات الحديثة المتطورة في أغلب المجالات، وعدم إمكانية فهمنا واقعنا وموقعنا المتدني في تلك المجتمعات لأننا نرفض أي تطوير أو تحديث أو اكتشاف بهذا الإرث، مما ولّد لدينا تبلداً حسياً لكل ما حولنا وكأنه لا يعنينا فنحن نعيش على هامش هذا العالم. مقتطفات: * الدين النصيحة. * لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد. * بين التفكير السلبي والإيجابي شعرة. * لا لمصادرة أفكار الآخرين. * العقل وعاء للمعرفة لنملأه بالمفيد. * حاول أن تناقش وابتعد عن المجادلة.