الرياض – يوسف الكهفي السعيد: يفتنون غيرهم.. ويبقون مع أبنائهم في «استراحاتهم ومزارعهم». السديس: نحن جماعة واحدة ليس فيها مجال للتعصب والفرقة والخلافات والطائفية والعنصرية. آل الشيخ: ما جرى لأبنائنا في العراق عظة.. فالمؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين. الحارثي: يجب محاسبتهم وتطبيق النظام بحقهم لحماية الإسلام من التشويه والبلاد من الفتنة. طالب أكاديميون ورجال دين ومثقفون بسنّ تشريع يجرّم الفتاوى الصادرة من أشخاص هم من خارج المؤسسة الدينية الرسمية، ويدعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال مدوناتهم الخاصة وبعض الندوات والمحاضرات التي يلقونها على الشباب للجهاد بالنفس في سوريا ضد نظام بشار الأسد. وأجمعوا على أن هؤلاء الدعاة ينتهزون هذه الفرصة للزج بالمغرر بهم هناك، فحسب تجاربهم السابقة يعرفون أن هؤلاء الصبية المغرر بهم عندما يقاتلون يتحولون نفسياً إلى كائنات دموية، فيستفيدون منهم ومن دمويتهم عندما يعودون من الجهاد في العمليات المسلحة الحركية، مثلما حدث لكل مَنْ قاتل وعاد من تلك الأماكن الملتهبة كأفغانستان والبوسنة والعراق. مؤكدين أن تلك الفتاوى والمُحّرضات التي تخرج بين الحين والآخر يطلقها أشخاص لا تتوافر فيهم شروط الفُتيا، وموضحين أن الإشكالية تكمن في أنه يتم تصنيف هؤلاء على أساس أنهم «علماء دين سعوديون». وهم في الحقيقة لا ينتمون إلى المؤسسة الرسمية في المملكة (هيئة كبار العلماء). تصورات خاطئة د.يوسف السعيد يقول عضو وحدة الأمن الفكري أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور يوسف بن محمد السعيد «إن إجماع المسلمين منعقد على أن مَنْ يعلن الجهاد هو ولي الأمر سواء كان في جهاد النصرة أو في جهاد الطلب، وبعضهم يتصور تصورات خاطئة للجهاد ويظن أنه إذا مُنع أحدهم من الخروج إلى مواطن الفتن ظن أن هذا منع للجهاد. وينسى أن ولاة الأمر في المملكة جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وخير شاهد بالنسبة لنا في المملكة هو الجهاد الذي قام عليه المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن لتوحيد هذه البلاد، ونبذ ما كان فيها من ظلم وتجاوزات». تجربة العراق وأضاف السعيد «أن هؤلاء الذين يفتون بالجهاد في الآونة الأخيرة لم نر أحداً منهم «أعرج ولا أعمى» والتي هي من أعذار ترك الجهاد، ومع ذلك نجد أنهم يفتنون غيرهم ويبقون مع أبنائهم وفي «استراحاتهم ومزارعهم»، فعليهم أن يتقوا الله ولا يغرروا بأبناء المسلمين، وكفى ما حدث لبعض أبنائنا في بعض البلدان وهم حالياً ينتظرون حبل المشانق وتجربة العراق خير دليل. مقتضى البيعة وأكمل السعيد «أبناء المملكة في أعناقهم بيعة، ومن مقتضى البيعة السمع والطاعة، وإذا أمرنا ولي أمرنا بأمر فيجب علينا أن نمتثل بأمره وسمعه وطاعته لأنه أعلم بالمصالح وأدرى بالمفاسد والجهاد الحقيقي هو الذي يكون تحت راية سلطان قائم مثلما هو لدينا في المملكة العربية السعودية ولله الحمد، أما فيما سوى ذلك فأهل كل بلد يخص بجهادهم ما يخصهم، أما نحن في هذه البلاد لا جهاد لنا في مثل هذه الأمور إلاّ مع ولي أمرنا أو يأذن لنا في الخروج إلى مواطن أخرى لنجاهد فيها. جهة موثوقة عبدالرحمن السديس وتحدث الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وإمام الحرم المكي الشريف الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس ل «الشرق» قائلاً: أوصي الشباب بالعناية والاهتمام بتلقي الفتوى من جهة موثوقة، وأن يأخذوا من ولاة أمرهم ومن كبار علمائهم الربانيين، وألا يصغوا لما يثار بين الفينة والأخرى لاسيما في مواقع التواصل الاجتماعي من أمور ظاهرها الحق وباطنها الباطل، من الدعوات والتغرير بأبنائنا وشبابنا باسم الجهاد أو باسم غيره، كل ذلك يحذروه ويحذروا كل تلك الدعوات ويرجعوا إلى علمائهم «ولو ردوه إلى الرسول وأولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم». جماعة واحدة وأضاف السديس «نحن ولله الحمد والمنة في هذه البلاد في جماعة واحدة ولاة الأمر والعلماء والدعاة والشباب، وليس فيها مجال للأحزاب والتعصب ولا للفرقة والخلافات ولا للطائفية والحزبية والعنصرية، كلنا أبناء هذا الوطن الغالي الذي يدين بالإسلام ويجتمع على راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، فليحذر الشباب خاصة من كل دعوة تخالف هذا المنهج الصحيح، وليستفيدوا وليعيدوا الأمر إلى نصابه في الرجوع إلى العلماء للاستفادة منهم وحتى لا يستولي عليهم وعلى أفكارهم خفافيش الظلام، الذين قد يشوشون عليهم ويبثون الشائعات، وإثارات ضد هذه البلاد وولاتها وعلمائها وشبابها، فنحن ولله الحمد والمنة مطمئنون لشبابنا فهم عصيون على الاختراق، وعندهم من التربية والعمق في ذلك، ولكن قد تأتي بعض الأخطاء الفردية لا تحسب على المجموع، ومَنْ أخطأ فيخطئ على نفسه، ولكن ولله الحمد مجموع الشباب وجملتهم هم مع ولاة أمرهم وعلمائهم، ونسأل الله أن يثبت هذه البلاد ويحفظها من الأشرار وكيد الفجار. دعاة فتن وشر محمد آل الشيخ وقال الكاتب محمد بن عبداللطيف آل الشيخ: هؤلاء الدعاة هم دعاة فتن وشر مستطير. السوريون ليسوا في حاجة إلى رجال، إنما إلى عتاد ودعم لوجستي وسياسي دولي، هؤلاء الدعاة ينتهزون هذه الفرصة للزج بالمغرر بهم هناك، فحسب تجاربهم السابقة يعرفون أن هؤلاء الصبية المغرر بهم عندما يقاتلون يتحولون نفسياً إلى كائنات دموية، فيستفيدون منهم ومن دمويتهم عندما يعودون من الجهاد في العمليات المسلحة الحركية في بلادنا، مثلما حصل لكل مَنْ قاتل وعاد من تلك الأماكن الملتهبة كأفغانستان والبوسنة والعراق. وراء الأكمة وأضاف آل الشيخ «بودي فقط أن يُسأل هؤلاء الدعاة: لماذا لا يذهب أبناؤكم أو إخوانكم كي يجاهدوا هناك إذا كان الأمر «واجب ديّن» وليس إرهاباً؟. أما أن يحرضوا الناس وينسوا أنفسهم وأبناءهم فلا بد أن وراء الأكمة ما وراءها. راية الإمام وأكد آل الشيخ أنه لا جهاد دونما راية لإمام مبايع وله هدف معين، والإمام هنا هو الذي يعلن الحرب «القتال» وهو الذي – أيضاً – يعلن الهدنة «السلام» إذا لزم الأمر، كما في صلح الحديبية. أما ما يسمى الجهاد وهو بلا راية ودونما هدف ولا قيادة شرعية، فلا علاقة له بالإسلام، بل هو قطع طريق وإرهاب، ومَنْ يُمارسه يعد من الناحية الفقهية «صائلاً» يجب دفعه وردعه وحربه ومقاومته، فما جرى لأبنائنا في العراق كان عظة لمَنْ له عقل وتدبر، يجب أن يستفيد منها، فالمؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين. شروط معروفة د. زهير الحارثي وقال عضو لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشورى الدكتور زهير الحارثي «الجهاد له شروط معروفة، وهي مرتبطة بولي الأمر وأكد كثير من علمائنا وهيئة كبار العلماء على ذلك، ولكن للأسف أن هناك مَنْ هم خارج المنظومة، وللأسف أنهم يطرحون بعض الآراء وتفهم خارجياً على أنها خطاب رسمي، أو أنها تمثل الخطاب السائد في المملكة، أو أن مَنْ يطلقها هو عالم أو داعية سعودي للأسف الشديد، ولكن هو في الحقيقة لا يمثل صفة رسمية ولا قيمة في المجتمع وحتى أن كان له بعض المريدين أو المؤيدين، ولكن كثير من الناس في خارج الدولة لا يفرقون بين هذا وذاك، ويعتقدون أن هذا هو توجه الدولة أو أنه مطلب شعبي كبير، وهذا غير صحيح. ضبط الفتاوى وأضاف الحارثي «أن مَنْ يقوم بهذه الفتوى يجب أن يُطبق بحقه نظام الأمر الملكي بشأن ضبط الفتاوى، وهذا لكي نحمي الإسلام من التشويه وحماية البلاد من الفتنة، وتتم محاسبة مَنْ يقوم من هؤلاء بالفتوى في مثل هذه الامور التي تشوه سمعة المملكة وتحرجها سياسياً، وتشوه سماحة الدين الاسلامي وقيمته، فهذه الأمور لها شروط وواجبات محددة، ومرتبطة بعقلية دينية مستنيرة وقادرة على قراءة العصر ومتمسكة بثوابتها، لكن للأسف الشديد البعض يخرج عن السرب ويرتكب بعض الأخطاء، وتكون الضحية بعض شبابنا للأسف، ونعتقد أن هؤلاء يجب مواجهتهم بما نص عليه الأمر الملكي بشأن ضبط الفتاوى، وأتمنى أن يتم تفعيل هذا الأمر الملكي من قبل الرئاسة العامة للإفتاء لأن المرحلة الحالية تحتاج إلى تفعيله، وبالتالي مواجهة مثل هذه الأصوات الشاذة». كبار العلماء صلاح السعيد وطالب المدير العام لفروع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة الرياض الشيخ صلاح بن ناصر السعيد الشباب بأن يأخذوا فتواهم من أهل العلم الثقاة، ويتمثلون في هذه البلاد في هيئة كبار العلماء، التي هي الجهة المناطة بالفتية، وهي الجهة التشريعية في مثل هذه الأمور ويصدرون الفتاوى وهو محل ثقة وتقدير المسؤولين وأبناء المجتمع ولله الحمد. صاحب الاختصاص وشدد السعيد على ضرورة ألا يتلقف أبناء هذا الوطن ما يصدر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وما شابهه، فمن غير المنطق أن يأخذ الإنسان علاجاً له من بقالة، فهو بالطبع سيذهب إلى الطبيب المختص، فهؤلاء يجب عليهم أن يذهبوا إلى صاحب الاختصاص، فهؤلاء المحرضون أو الحاثون على الجهاد عبر مواقع التواصل أو الندوات أو المحاضرات غير المعلنة هم بالأساس ليسوا علماءً، وعلماء هذه البلاد معروفون ومنصوص عليهم وفتواهم من فضل الله موحدة ولا تصدر إلا عن مجلس في هيئة كبار العلماء وتخرج بشكل صحيح يخدم الأمة بشكل عام والمجتمع بشكل خاص. جهات معتبرة وأضاف السعيد «أنا لا أتحدث عن أشخاص ولا أسماء بعينها، ولكن أتحدث عن منهج يجب أن ننتهجه جميعاً، وقد تأتي أسماء أخرى تفعل مثلما فعلوا أو تنادي إلى مثل هذا النوع من الجهاد غير الواضح المعالم، وقد تأتي أسماء لامعة من خارج البلاد ويتحدثون بمثل ذلك، ولكن الإنسان دائماً يكون واضحاً في كل أموره، وهناك جهات معتبرة في الدولة ومؤسسات معنية بالمساعدات والإغاثات هي التي يتوجه إليها الإنسان الذي لديه رغبة بالتبرع ويتم توصيلها لمستحقيها. موقف واضح د.علي الحكمي وسبق أن أصدر عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية الشيخ الدكتور علي بن عباس الحكمي فتوى تقضي بتحريم «الجهاد في سوريا» على السعوديين بدون أذن من السلطات، بينما تتضاعف الدعوات إلى ذلك في شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت، وقال الدكتور علي عباس الحكمي عضو المجلس الأعلى للقضاء في تصريحات سابقة «نشرتها الشرق»: إن موقف حكومة المملكة من القضية السورية واضح وإيجابي ولا يمكن لأي شخص المزايدة عليه. سياسة الدولة وأضاف الشيخ الحكمي أن «الشعب السوري يتعرض للظلم والاضطهاد والجبروت من حكومة متكبرة متغطرسة.. وبحاجة إلى الدعاء والمساعدة بكل الوسائل المتاحة والتعاطف معه»، لكنه أكد أن «دعم الشعب السوري يجب أن يتماشى مع سياسة الدولة، وكل الأمور مرتبطة بنظم محكمة وسياسات دول، ولا يجوز لأشخاص الخروج عن ولي الأمر والدعوة للجهاد بشكل يحرج الدول». مبيناً أن «بعض التصرفات التي تصدر عن الأفراد توقع الدولة في حرج، لذلك لا بد من التعاون مع الدولة فيما يتعلق بتقديم الدعم المنظم دون الخروج على ولي الأمر لأنه أمر لا يجوز ومنكر شرعاً طالما الدولة تقوم بواجبها الكامل تجاه الشعب السوري وهو ما نراه متحققاً.