يقاس تقدم الدول بمعايير كثيرة، وعلى رأس هذه المعايير الخدمات التي تُقدم للشعوب، لذلك وفرت عديد من الدول الخدمة كمنتج تجاري لا خدمي، حيث تأتي سرعة الحصول على الخدمة وجودتها ودقتها ونوعيتها على هرم المؤشرات التي يهتم بها المواطن. نحن في السعودية نعيش قصة عشق وحياة سيامية مع «الطابور» فمنذ الولادة يقف الأب في طابور للحصول على سرير في مستشفى جيد، ولكي تقوم بالتطعيمات في العيادات فأنت بحاجة إلى طابور، ولدخول مدرسة متميزة فهناك طابور، ولدخول دورة المياه طابور، ولتسلُّم الكتب طابور، ولشراء الخبز من البقالة طابور، وللَّعب في الملاهي طابور، وللحصول على قبول جامعي طابور، ومن ثَمَّ طابور آخر لانتظار الحصول على الوظيفة؛ ثم تأتي طوابير القروض، وبعدها يأتي طابور انتظار الزواج، وهناك أيضاً طابور في المحكمة لعقد النكاح؛ ثم طابور انتظار منحة الأرض الذي بدوره يتكئ على طابور البنك العقاري، ولشراء الشعير والإسمنت طابور، ولمقابلة المسؤول فهناك طابور يسبقه طابور آخر لدى مدير مكتب المسؤول! وطابور للحصول على خدمات طبية في مستشفيات تخصصية، وطابور أخير في انتظار الدفن وهكذا تستمر حياتنا! ما يحدث ليس له علاقة بمعايير الجودة ولا تقديم الخدمات التي يحتاجها المواطن.. كل ما يحدث هو مجرد عبث وسوء استخدام للموارد المتاحة، التي من الأفضل أن تخرج بصورة تعكس قيمة الإنفاق الحقيقي.