ليست مشكلتك في العتمة، بؤسك في ظلامك الداخلي المتكاثف أيها الإنسان، ولا إشكالية في ضجيج ملايين البشر دائبي الحركة حواليك، مشكلتك أنت! بعقلك الذي كبّلْتَهُ بالقيود! قيودك أنت أو قيود الآخرين الذين سمحت لهم باستئجاره كشققٍ مفروشة لآرائهم! فيما هو فسيح كالسماء؛ عميق كمحيط! هل تصدق أنه يحتوي على مليار خلية تعمل كلّ واحدة منها كعقلٍ مستقل؟! فهو إذن مليون فضاء تختصره أنت -نعم أنت- في سماء واحدة لا شمس فيها ولا نجوم أو قمر! في رؤية واحدة قد تعتقله عقوداً؛ ويا لشقائك وحرمانك حين تكتشف -في وقت متأخر جداً- أنك لو تجرأت على سلبيتك ومخاوفك ففتحت له نافذةً -مجرّد نافذة- لحلّق كطائر خرافي مبتهجاً بجماليات الكون الذي جعله الله واحة للجمال والتفكير والزينة لا القبح والرتابة والجمود! حاول تحريره من سجنه بسؤال واحد! وحتى سؤالك لا تجعله مباشراً خشية ألا يستجيب بسبب تعويدك إيّاه على «حياة الهامش»! لذا ما رأيك أن تحفزه قليلاً -وعلى أقلّ من مهلك- لعله يستيقظ من نومة «أهل الكهف» الذين: (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) الكهف 18. لذا حاول أن تصاحبه قليلاً و»تدردش» معه للاستئناس به علّه يستعيد شيئاً من فطرته الطبيعية بالتساؤل المفضي لليقين، فإن آنست فيه بعض «الرشد» فاسأله عن أولئك الذين صدقوك النصيحة بأن «الخمر» مذهبة للعقل؛ هل صدقوك بحقيقة «تغطيتهم» عقلك لتكون مجرّد تابعٍ أعمى يقودونه أنّى شاءت أهدافهم؟! إجابة عقلك ستجدها تتدفق صارخة إن سألته دون «تلعثم»! الأمر منوط بإيمانك به والثأر لإنسانيتك بقيمها السامية! فكن شجاعاً حين «تنعشه» بالسؤال!! ومع التعود على مشاغبة عقلك بالأسئلة ستجد حقيقة أنهم أشدّ ضرراً عليك من الخمر ومن كل الموبقات؟!