وصف الملحن الموسيقي محمد السنان الأغنية العربية في وقتها الراهن ب «الهابطة»، موضحا أن الإسفاف غلب عليها «والابتذال في الكلمة والهزال في اللحن»، وأن «واقع الأغنية في حالة تردٍ وتستدعي الرثاء». وأرجع سبب ذلك إلى «تعنت المحافظين من الموسيقيين في إصرارهم على المدرسة الموسيقية القديمة، وعدم تقبلهم تطويرها بما يتناسب مع العصر، إضافة إلى عدم تنمية الذائقة الموسيقية لدى الأجيال». جاء ذلك خلال استضافته في فرع جمعية الثقافة والفنون في الدمام، مساء أمس الأول، في محاضرة «الفن العربي الغنائي والموسيقى بين المحافظة والتجديد»، ضمن برنامج «الملتقى الموسيقي»، وقدم لها رئيس لجنة الموسيقى في فرع الجمعية سلمان جهام، وشارك في بدايتها الفنان حسين الخاتم بعزف على آلة الأورج. وقال السنان: إن ما نراه في الفضائيات من أغانٍ تبث خلال 24 ساعة، يقدم صورة مشوهة للفن الموسيقي، ويحفل بمظاهر مزرية، مرجعا تردي الأغنية إلى «غياب الملحنين العمالقة، ما أتاح الفرصة أمام مهرجين ومرقصين»، محملا «التيار المحافظ دورا في تقهقر الأغنية، لإصرارهم على التعقيدات في الموسيقى. وأضاف أن مشكلة الأغنية والموسيقى العربيتين بشكل عام، هو عدم قدرتهما على التطور، وتجاوز المرحلة التي تعيش فيها، وأرجع السبب إلى «المقامات الشرقية»، مبينا أنها معقدة بشكل لا يوصف، موضحا أن السلم الموسيقي «الكروماتيكي» العالمي يتكون من 12 مقاما، فيما المقامات الشرقية كانت حتى عام 1932م تتكون من 99 مقاما، وشهدت في إحدى مراحلها اشتمالها على 660 مقاما بإضافة المقامات الفارسية والتركية، وكان ذلك ينفر الراغبين في دراسة الموسيقى. وذكر أن عام 1932م شهد تخفيض عدد المقامات من 99 مقاما إلى 59 مقاما. وقال إنه لا توجد موسيقى عربية خالصة، بل خليط من التركية والفارسية، ويظهر ذلك في أسماء المقامات. وأشار إلى الصراع بين المدرستين المحافظة والمجددة، وقال إنه صراع محتدم بينهما، ويرى التيار المحافظ أن القيمة الفنية في الأغنية الالتزام بقوالب وقوانين ومقامات، رافضين إدخال أي تحديث، حتى التكنولوجيا الرقمية، في أي عمل، فيما يرى التيار التجديدي أن ما يطرح على الساحة من ألوان موسيقية وغنائية، انتقال طبيعي ويتطلبه العصر. ورأى السنان أن كلا الفريقين لا يملك حجة منطقية تؤهله لبناء موقف، موضحا أن الصراع ليس وليد اليوم، مستدلا بما شهده عام 1932م في المؤتمر الموسيقي العربي في القاهرة من خلاف حاد حول ذلك، أدى إلى أزمة تناولتها الصحف، وكان أحد المواقف رفض إدماج الآلات الغربية في التخت الشرقي.