الثقالة موهبة، مثلها مثل الغناء والغباء والبغاء والثراء. ليس لأحد أن يكون ثقيلاً بقرار أو سعي، ما لم يكن له استعداد وراثي يستمده من جده الثامن عشر، أو جدته البُرمكية. فالبرامكة كانوا من الثقالة بمكان، حتى قال فيهم الشاعر: (إن البرامكة الذين رموا لديك بداهيا/ صُفر الوجوه عليهم أثر الثقالة باديا)! ثم إنك ستختبر موهبتك (الثقالية) سيدي القارئ، لو حاولت تصحيح بيت الشعر، تأهباً لنيل عضوية الاتحاد أعلاه، (دون رسوم)! تضم عضوية اتحاد الثقلاء العرب، سياسيين وصحفيين وشعراء ومطربين و(مثقفاتية) ودهماء ومجانيين ورؤساء أخطأتهم المصحات النفسية فانتشروا في الأرض يعيثون إفساداً في الذائقة. ثم إن ثقالة العارفين والوجهاء ووقعهم على قلوب (المثقول عليهم) من الأبرياء، أنكى وأضل من الثقلاء في سذاجة وبساطة و(عدم فهم)، لأن الأخيرين مقدور عليهم. أمّا حَمَلَة الشهادات العليا، فثقالتهم مؤلمة و(حامضة)، لا يجدي لتخفيف آثارها، مضغ (عشرين فدان ليمون)! يكفي الثقلاء (رزيئة)، أن قال فيهم الإمام الشافعي: (إن الثقيل ليجلس إليّ فأظن أن الأرض تميل في الجهة التي هو فيها). وكان الإمام الأعمش إذا رأى ثقيلاً قال: (ربنا اكشف عنا العذاب إنّا مؤمنون). ولو أن الأعمش حضر زمان الثقلاء الجدد، لأنشد: (لا بأس بالقوم من طول ومن قصر/ جسم البغال وأحلام العصافير)! أنصحك سيدي القارئ كي تتخلص من الثقلاء، أن تلتزم بما فعله ابن القيم الجوزية: (إذا ابُتليت بثقيل فسلم له جسمك، وهاجر بروحك، وانتقل عنه وسافر، وملّكه أذناً صماء وعينا عمياء، حتى يفتح الله بينك وبينه)!