في حائل اجتمعت بطبيب عصبية روى لي قصة مفادها أن طبيباً متحمساً قرر أن يعالج طفلاً انتفخ رأسه؛ ودخل دوامة المضاعفات، فكلفه هذا أن حُبس جواز سفره ومُنع من السفر لحين انتهاء إجراءات التحقيق فكاد أن يسلب لبه. قريب من هذا حصل لطبيب تخدير في القصيم وصل إلى حافة الجنون، بسبب دخول الأطباء الحلقة المعيبة. أي أنه وتحت الضغط النفسي وبشدة الحذر والتوقي يحصل عكس المراد؛ فيقع في مزيد من المضاعفات؛ فمزيد من المشكلات والشكاوى والتحقيقات. يكون في ورطة فيصبح في عسرة. وقال لي طبيب من منطقة لا أريد تسميتها اعتاد الأطباء أن يأتي المريض وفي جيبه الشكوى جاهزة. وأذكر من مشفى عملت فيه في عسير فأحيط بنا في يوم عسر لحالة مليئة بالعسرة والتحدي، من انسداد شرياني متعدد؛ فترتب عليه بتر الطرف، فهرع زميل لنا لحاجة في نفسه؛ فحرض الزوج على الشكوى؛ فجاء مَنْ يدافع عنا؛ ويقول بذل الأطباء أقصى ما يمكن؛ فهذا هو القدر إن كنا نؤمن به؛ فتراجع فسحب الشكوى، فرجع الزميل الهمام يحرضه ويغريه بمال وفير من جيوب أطباء أغنياء؛ فتقدم بالشكوى من جديد؛ فتدخل أفاضل؛ فسحب الشكوى. هنا أمسك به فريق المتابعة، وقالوا له قرر فإما مضيت وإما لن نعتد بأي كلام؛ فتوقفت الشكوى، وأوغرت الصدور. الشيء نفسه حصل مع المريضة اليمنية سعيدة التي أجرى لها الدكتور عثمان غندور طبيب النسائية عملية ساعدته أنا فيها بسبب نزف مرعب؛ فنجت ورجعت لأهلها بالسلامة والعافية، ولكن الزميل الحسود حرك الموضوع بسبب نسيان شاش في البطن، وهو اختلاط معروف فترتب عليه خصومات وعقوبات وعداوات. أذكر كل هذا حتى أنقل للقارئ جو الرعب الذي يعيشه الأطباء، بين خوف مقبل، وشكوى صاعقة، وتحقيق موتر، وجو محبط؛ هذا بجنب راتب مغرٍ في آخر الشهر يعطي حلاوة في جو المرارة.