كنت في كندا حين اتصل بي مع ساعات السحر وزير الصحة السابق الدكتور (أسامة الشبشكي) -حفظه الله- قال لي: آمل أن يكون الوقت مناسباً؟ قلت له الحديث معك في أي وقت مرحب به. قال أحب أن أخبرك أن موضوع التأمين الطبي أصبح للدراسة في مجلس الشورى. الرجل سمعت أنه أصبح سفيراً للمملكة في ألمانيا، وهكذا فقد عاد إليها بعد أن تركها، سمعت أنه تخصص فيها ويتقن اللسان الجرماني. كنت قد أرسلت له مشروعاً مدروساً متكاملاً عن توفير ضمانات العمل للأطباء بحيث يعملون في ظروف خارج الخوف من موضوع الاختلاطات والشكاوى والتحقيقات وحجز الجوازات. مازلت أذكر الدراسة التي قدمتها له وتتضمن ثلاث أفكار رئيسة؛ إن توفير جو الإبداع للأطباء مهم جداً ليؤدّوا عملهم دون خوف وإهمال. من جانب (تدريب) الكوادر الفنية القادمة وهذه تحتمل الاختلاطات (المضاعفات)، والجانب الثاني في رفع سقف ومستوى (الإنتاج)، حيث إن جو الخوف بين الأطباء يجعل أحدهم لا يعمل إلا في أضيق حدود الإنتاج خوف حدوث المضاعفات، التي بدورها تقود للمضاعفات التي هرب منها الطبيب. وأخيراً (التطوير) فلا يمكن لعمل أن يتقدم نحو الإبداع ما لم تتوفر له ضمانات أن لا يخاف ولا يهمل. أذكر عن ابن رشد أن ابن طفيل قدمه للملك الموحدي أبويعقوب، وتردد ابن رشد في التصريح بآرائه حتى انطلق الملك يحدثه بما يخاف منه، فتكلم فأبدع. أذكر هذه الأفكار في ضوء قصة نورة وريهام وحدوث المضاعفات؛ فأنا رجل عملت عقوداً في العمل الطبي وأفهم تماماً ذعر الأطباء من كل حالة واختلاط. وأوقن أن السماء رفعها ربي ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان. كنا في ألمانيا نندفع بجرأة في العمل وكنا نبدع، أما الجو الذي رأيته فيتسم بخوف الأطباء حين يأتي المريض المنكوب فيحاولون بكل سبيل ممكن حماية جلودهم مع جلد المريض.. ربما قبل جلد المريض.