«هلي، أهل نجران»، لم تكن كلمات عادية، ولم تكن عبارات إنشائية، إنها مشاعر وأحاسيس، يُكنُّها «متعب» الأمير، الوزير، الرئيس، لا بل «متعب» الرجل العادي، أضاءت، نوراً ساطعاً، على محياه، وهو يخاطب أهله ومحبيه، أهل نجران، في «جنادريتهم» النجرانية، في «رياضهم». أرأيتم الكلمات عندما تُترجِم المشاعر، كيف يكون وقعها؟ الوقفة الكبرى كانت رسالة الوالد (عبدالله) لأبنائه، أهل نجران، حين قال الأمير: «رسالة سيدي لكم، يقول: سلّم لي على هل نجران، واحد، واحد، وترى والله إن لهم محل خاص في نفسي»، لم تكن بحاجة، يا سيدي، أن تُقسم، فإنّ صِدق المشاعر، منك، لا يحتاج إلى دليل، أتعرف لماذا، يا سيدي؟ لأنهم يبادلونك نفس الشعور، فأنت في قلوبهم، وإن أبعدتك، عنهم، المسافات. بقي أنْ تعرفوا مَنْ هو «جندي» الوطن المحبوب، الذي يزيد في بناء هذه المحبة، كل يوم، لَبِنة، إنه مشعل، الخير، بن عبدالله، استطاع بأدبه الجم، أن يزيد من هذا التلاحم، بما هو أقوى مما يُصطلح عليه «بالقوة الناعمة»، كل ما هنالك، أن الرجل يعمل ولا يتحدث، يجعل من نفسه قدوة في كل تصرفاته، يُحرج الصغير قبل الكبير بتواضعه الرائع، ألا يستحق أن يُكافأ، حباً بحب، ومودة بمودة؟! هذا هو القائد مع كل أفراد شعبه، فما قاله لأهل نجران، هو ذاته ما يُكنّه لغيرهم من إخوتهم في كل أرجاء الوطن كلما قابلهم أو كانت لهم مناسبة مماثلة. دمتَ، لأهلك، والداً وراعياً، أبا متعب!