يتعقّد الوضع السياسي والعسكري شمال شرق سوريا بعد اتساع نفوذ جبهة النصرة في مدينة دير الزور ومحيطها، حيث يتداخل الجانب السياسي والعشائري ومحاربة النظام بين القوى الموجودة في المنطقة. وقال الناشط محمد الفراتي ل«الشرق»: إن «جبهة النصرة» اقتحمت قرية «المسرب» الواقعة في الريف الغربي من محافظة دير الزور، حيث دارت اشتباكات بين أهالي القرية وعناصر «النصرة»، ما أوقع قتلى في صفوف الجبهة، وصل عددهم إلى 15 قتيلاً، كما قُتل من أبناء القرية حتى أمس ثمانية أشخاص، مؤكداً أن عناصر الجبهة اقتحموا القرية، واعتقلو عدداً من شبانها، وأحرقو وفجروا عدداً من بيوتها، وأعلنت «النصرة» عن تحرير القرية التي تخلو من أية قوات أو عناصر تابعة للنظام، وقال الفراتي: «لقد حرروها من أهلها». وأشار الفراتي، إلى أن أهالي القرية، البالغ عددهم نحو خمسة آلاف نسمة، ينتمون إلى عشيرة «البوسرايا» وأن جبهة النصرة أيضاً ذات تركيبة عشائرية متنوعة، ومركزها منطقة «الشحيل»، التي ينتمي أهلها إلى عشيرة «بوكامل» التي كان معظم ضحايا الجبهة منها، ما يهدد بنشوب صراع عشائري، منوهاً إلى أن قسماً كبيراً من أهالي «المسرب» هُجِّروا من بيوتهم إلى قرى مجاورة إثر اقتحام جبهة النصرة القرية. وأوضح الفراتي، أن المشكلة كانت بدأت بين قرية «المسرب» وجبهة النصرة بسبب صهريج محروقات استولى عليه شبان من القرية على الطريق الدولي، فحاولت الجبهة التدخل، واعتقال «اللصوص»، لكن أهل القرية قتلوا منهم ثلاثة، ما دفع الجبهة لحصارها واقتحامها. ورأى الفراتي، أن المطلوب هو إيصال دير الزور إلى الفوضى، وإضعاف الجيش الحر فيها، وتقوية جبهة النصرة، وذلك ضمن أجندات خفية لم تتضح معالمها بعد. مؤكداً أنه صار من المستحيل الخروج في مظاهرة بدير الزور لأن أي انتقاد لأي جهة كانت سيؤدي إلى مواجهة «شبيحة» تلك الجهة، مشيراً إلى أن شبيحة الثورة صاروا اليوم أسوأ من شبيحة النظام، فجبهة النصرة يمكن أن تعتقل المتظاهرين، والإخوان يمكن أن يقتلوهم، والجهاديون يتّهمونهم بالعمالة والكفر. إلى ذلك، أكد ناشط من مدينة البوكمال القريبة من دير الزور أن أحوال المدينة تحسّنت في معظم النواحي، وأنها تعاني فقط من انقطاع الطويل للتيار الكهربائي، موضحاً أن سبب انتعاشها يعود إلى عمل معظم سكانها في تكرير النفط، الذي يستولون عليه من الأنابيب، وأشار إلى أن أحد أهم مظاهر الانتعاش هو الحركة العمرانية التي تشهدها المدينة. وأوضح أن المدينة، التي تحررت من النظام قبل عدة أشهر، فيها عدد كبير من الكتائب المقاتلة، ويوجد بين هذه الكتائب حالات تحالف وتنافر وصراعات فيما بينها، وأشار إلى انتشار الجريمة المنظّمة في المدينة، وإلى خشية الأهالي من أن تدخل المدينة في دوامة من العنف في ظل غياب سلطة موحدة فيها، ونبّه الناشط إلى أن المدينة صارت تعاني من السحب السوداء بسبب كثافة عمليات تكرير النفط فيها. من جهة أخرى رفضت جبهة النصرة على لسان زعيمها أبو محمد الجولاني، ما أعلنه زعيم تنظيم القاعدة في العراق حول «أن جبهة النصرة السورية هي امتداد وجزء من منظمته»، وأعلن الجولاني في تسجيل صوتي مبايعة «النصرة» زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.