عند التوجه إلى مجلس الأمير تأخذك الخطى خطوتين في خطوة واحدة، وحين الوصول إلى المداخل والبوابات تكون واحداً من مجاميع الحضور للولوج إلى ذلك المجلس؛ فالمجلس هذا كالبهو من السعة والطول والعرض، فيبدأ هذا المجلس بتحية الإسلام. تبدأ هذه المجاميع بالسلام على الأمير مصافحة، ثم يأخذ الأمير جلسته في الصدارة وتأخذ المجاميع من المواطنين والمقيمين جلستهم الواحد تلو الآخر، والذي يؤسر في هذا المجلس (اللافت للنظر) الآتي (الهدوء والسكينة، يجول الأمير بنظره وبسمته بالسؤال عن الأحوال، الحضور يكون للسلام أو طلب الحاجة).حضرت مجلس محافظ الأحساء مؤخراً، وبعد أن أخذ مجلسه عُرضت عليه المعاريض من بعض الحضور وكان من بينها شكاوى، حيث كان ينادي على صاحبها، كطرف أول؛ ليدور الحوار ويناقشه بالدقة والتفصيل حتى تأخذ الشكوى اتجاهها الصحيح بين الطرفين حاضراً كان أو غائباً.تعد هذه هي المرة الثالثة بالنسبة لحضوري هذا المجلس، وسبق أن حضرت مجالس الأمراء وكذلك حضرت مجلس خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز حينما كان وليًا للعهد. هذه المجالس أو بعضها والمجالس الأخرى التي يقتصر الحضور فيها على اللقاء المباشر بين الحاكم والمحكوم ويتسم اللقاء بالشوق والبشرى والصراحة فيما يتداول من معرفة وأراء ومصلحة للنفع العام في ظل المبادئ الأساسية، العدل والمساواة والحقوق والأمن وحرية الرأي والاحترام ضمن حدود الأقوال المأثورة (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ). إن العدل أساس الحكم، والناس سواسية كأسنان المشط، والْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ، كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى. ومن خلال هذه المجالس أرى مثل غيري بأن اللقاء المباشر هو حالة لصفاء النفوس وحسن النية والظن، وحب الوطن والانتماء لترابه الغالي.