حذر مفتي عام المملكة, ورئيس هيئة كبار العلماء, ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ من الدعوات المشبوهة والغريبة والوافدة والمزيفة، وقال: إنها تفرق الشمل، وتهدم البناء، وتوقع العداوة في الأمة, وقال: إن جامعاتنا يجب تكون منبر خير وتوجيه للمجتمع؛ للأخذ بأبنائنا وبناتنا لإصلاح الحاضر والمستقبل, وطالب أساتذة الجامعة بتأدية واجبهم وإبداء النصيحة الصادقة لا لمجرد النقد والمعارضة؛ لأن المسلم منطلقه إيماني، وأكد أن إنشاء كلية للشريعة في الشرقية أمر مهم، والمسلم بحاجة لها في كل أحواله، وطالب المبتعثين بالابتعاد عن كل ما حرم الله، وأن يكونوا على ثقة بدينهم، ويتمسكوا بأخلاقهم ويحسنوا للآخرين. جاء ذلك في لقاء المفتي العام مع أعضاء هيئة التدريس بجامعة الدمام، وفي بداية اللقاء رحب مدير جامعة الدمام الدكتور عبدالله الربيش بمفتي عام المملكة وزيارته للجامعة، وحرصه على الاجتماع بأبنائه على اختلاف فئاتهم، وتقديم النصح والإرشاد لهم, وقال: إننا في وقت كثر فيه الخطب والخلاف في مسائل عدة، ونحن أحوج إلى الرأي الحصيف، والحكمة العادلة، ومشورة الخبير, وإلى من يجلي لنا المواقف، ويبين لنا الغث من السمين، ويعلو فيه الصوت الراشد.
وفي كلمته قال المفتي العام: المؤمنون أهل تناصح فيما بينهم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر". هكذا حال المؤمنين كالبنيان يشد بعضه بعضاً، ويقوي بعضه بعضاً، ويدعم بعضه بعضاً، مستدلاً بالآية: "إنما المؤمنون إخوة", فأخوّة الإيمان جمعتنا، ووحدت شملنا، وجعلت أخوّتنا قائمة على أرض المبدأ، ألا وهو الإسلام والإيمان.
وأضاف المفتي العام قائلاً: حياة المسلم إيمان وعمل، ثم انطلاق بدعوة إلى الحق والهدى، ودعوة صادقة من قلب يحب الخير لإخوانه المسلمين وتوحيد صفهم, دعوة لإصلاح الخلق إلى الطريق المستقيم, ودعوة قائمة على أساس صادق وهو الإخلاص لهذه الدعوة، ويقصد بها إصلاح الخلق وهدايتهم, دعوة علم وبصيرة، ويقين وصبر، وتحمل وبيان حق، وتوضيح لمنهج وسطي معتدل، بعيد عن الإفراط والتفريط، والغلو والجفاء.
وقال المفتي العام: نحن في زمن التبس فيه الحق بالباطل, وكثر المرشدون والوعاظ والدعاة, ولكن الغاية أن تكون الدعوة منطلقة من أساس سليم، ومنطلق سليم، هو كتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، بحيث يكون التوجيه صادراً عن علم وبصيرة، هدفه الإصلاح والتوجيه، وجمع الكلمة والصف, مضيفاً: أن المسلمين بنعمة الإسلام والإيمان أصبحوا إخواناً في العقيدة، أخوة صادقة لا انفصام لعراها، والدعوات المشبوهة والغريبة والوافدة والمزيفة هي التي تفرق الشمل والصف، وتهدم البناء، وتوقع العداوة في الأمة والإسلام يرفض ذلك.
وأكد أن جامعاتنا المنتشرة في بلادنا يجب أن تكون منبر خير وتوجيه، وإصلاح للمجتمع, والأخذ بيد أبنائنا وبناتنا لما فيه خير والصلاح للحاضر والمستقبل, وقال: على عضو هيئة التدريس بالجامعة أن يؤدي واجبه، وهو تقوى الله في نفسه، والسعي في إصلاح النشء، وتربيته تربية الإسلام السليمة، وإبداء النصيحة الصادقة له، وتخليصه من الآراء الوافدة والغريبة علينا، وعلى ديننا ومجتمعنا, فنحن بأمس الحاجة في - هذا الزمن - إلى اللحمة والاتحاد، والاجتماع، وإلى مناقشة أخطائنا فيما بيننا؛ للسعي للإصلاح والتوجيه، والصراحة والوضوح، في المنهجية والدعوة وفي المقاصد؛ لأن غايتنا إقامة العدل الذي أمر الله به، والذي لا يعدل في قوله فإنه يجور في فعله، والمخاطبة بالحسنى؛ لأنها تقرب القلوب والنفوس, أما الخطاب السيئ فهو منفر، فاللين في القول والتعامل من أسباب وحدة الأمة, ونحن بأمسّ الحاجة إلى تخليص مجتمعنا من كل الدعاوى الباطلة, والآراء المضللة والدعوات المشبوهة, ومن كل الآراء الزائفة, كما أننا بحاجة أن نوعي المجتمع توعية صالحة للتمسك بالدين قبل كل شيء، ثم برعاية مجتمعهم، وتشجيع طلابنا أن يكونوا على مستوى المسؤولية في فهم الحق والهدى، والأمة بحاجة إلى شباب واع يحمل هذه المسؤولية بأمانة وصدق وإخلاص؛ لينقلوها إلى من بعدهم، فإن المعلم في الجامعة يجب أن يتصور أنه أمام الله يوم القيامة، فيبذل جهداً كبيراً لعل الله يبعث خيراً في النفوس، ويبعث جيلاً يحمل هذه الأمانة عنه بصدق وأمانة.
وأكد المفتي العام على أمانة الكلمة وقال: إنها مسؤولية كبيرة، فيجب أن نكون عدولاً في أقوالنا، وفي تخاطبنا، ولابد أن يكون هناك اختلاف مع الآخرين, فلا يمكن أن تعيش وحدك، ولابد من وجهات نظر، على أن يكون المسلم ثابتاً في مواقفه، ويعامل الآخرين بالحسنى، وأن يناقش بأدب واحترام، ويوصل كلمة الحق بنفس مطمئنة وخلق كريم.
وقال: على أعضاء هيئة التدريس بالجامعة الاهتمام بالتوجيه والإصلاح، لا بمجرد النقد والمعارضة؛ لأن المسلم منطلقه إيماني، يحمله لحب الخير لإخوانه المؤمنين, ولابد لأعضاء الجامعة من مدير، ووكلاء، وعمداء، ومنسوبين؛ كي ينهضوا بمسؤوليتهم وواجباتهم نحو هذا المجتمع؛ حماية لعقيدته وأفكاره، واتجاهه، وأخلاقه، وأن يكونوا يداً واحدة، ويدعون إلى الحق والهدى.
وأكد مفتي عام المملكة في رده على سؤال حول إنشاء كلية للشريعة: "أن وجود كلية للشريعة في مدينة الدمام أمر مهم, والمسلم بحاجة إليها في كل أحواله"، وعلق الدكتور الربيش قائلاً: إن هذا الموضوع أمر متابع من قبل سماحته منذ عامين, وتمت فيه عدة مخاطبات، فالطلب موجود لدى أمانة مجلس التعليم العالي, وسيعرض على المجلس خلال الجلسات الثلاث المقبلة، مؤكداً على أن إنشاء واستحداث الكليات يخضع لآلية معينة للتعليم العالي, وستجدون ما يسركم قريباً بإذن الله.
وفي رده على سؤال عن نصيحته للمبتعثين قال المفتي العام: يجب على المبتعثين أولاً: تقوى الله، وثانياً: أن يكونوا على ثقة بدينهم، ويعلموا أنهم مسلمون متمسكون بدينهم، وبأخلاقهم وبحسن معاملاتهم مع الآخرين، ويعلموا أن هذا الدين دين فضائل، وأن يبتعدوا عن كل ما حرم الله.