دعا الأمين العام لحركة النهضة في الجزائر الدكتور فاتح الربيعي إلى ضرورة تشكيل تحالف إسلامي قوي لدفع السلطة لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة في الانتخابات البرلمانية القادمة، وحذر الأمين العام لحركة النهضة في حديث خاص بال “الشرق” من مآلات التزوير على البلاد، وكشف أن حركته سترفع مذكرة الى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تتضمنها اقتراحات لضمان نزاهة وشفافية الانتخابات. مضيفا أن الشعب الجزائري شعب أصيل ومتشبع بقيمه الإسلامية وينحاز في كل الانتخابات إلى التيار الإسلامي ، لأنه يعبر عن هويته وعن أصالته، فالحاجز الذي كان يحجب إرادة الشعب الجزائري هو التزوير. * - ما مدى جاهزية حركة النهضة للانتخابات البرلمانية المقبلة؟ - منذ أكثر من ستة أشهر أسسنا اللجنة الوطنية المركزية لتحضير الانتخابات، وأنشأنا اللجان الفرعية في 48 ولاية لمتابعة الإجراءات ، وتستمر اللجنة الوطنية وكذا اللجان الفرعية في اجتماع مفتوح لتقييم مدى الاستعداد لهذا الموعد، غير أن التحضير للانتخابات لا يعني أننا سندخلها، لأن قرار الحسم في المشاركة من عدمه هو من اختصاص مجلس الشورى الوطني، والذي سيجتمع بعد استدعاء الهيئة الناخبة، وقد ضمن مجلس الشوري في دورته السابقة جملة من الشروط من أجل ضمان مشاركتنا. * - هل الوعود التي تعهد بتوفيرها الرئيس بوتفليقة فضلا عن حزمة الإصلاحات التي أقرها لا تفي بالغرض من حياد الإدارة الى الإشراف القضائي؟ - لا يوجد إشراف قضائي من خلال نص قانون الانتخابات وهو كان أحد مطالبنا، وما هو موجود هو ترؤس اللجان الفرعية من طرف القضاة وهو أمر غير كاف بالنسبة لنا، لأن القانون يعطي صلاحية تسيير العملية الانتخابية برمتها والاحتكار أيضا للإدارة، واللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات التي كانت خارج إطار قانون الانتخابات هي مجرد وسيط بين الأحزاب السياسية والإدارة، في نهاية المطاف المهيمن الآن على العملية الانتخابية هي الإدارة. وتلقينا خطاب رئيس الجمهورية بتفاؤل لأنه وعد بأن تكون هذه الانتخابات شفافة وذات مصداقية وغير مسبوقة، ولكن هذا لا يكفي وحده، كما لا يكفي استدعاء المراقبين، الإرادة السياسية التي عبر عنها رئيس الجمهورية يجب أن تترجم بجملة من الإجراءات. * - وما هي هذه الإجراءات التي تقترحها ؟ - أولا تشكيل حكومة كفاءات محايدة ليس لها انتماءات حزبية تهيئ أجواء الانتخابات، ثانيا تشكيل لجنة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات وأن تكون الأحزاب والمرشحون متواجدين في مختلف مفاصل العملية الانتخابية، وهذه مجموعة إجراءات من شأنها أن توفر ظروفاً وآليات انتخابات شفافة ونزيهة، وإذا ما توفرت هذه الشروط سيكون بديلاً حقيقياً عن فشل الإصلاحات التي لم تؤد الغرض منها وأفرغت من محتواها من طرف أحزاب التحالف الرئاسي. * - البعض يتحدث عن ربيع إسلامي في الجزائر على غرار ما حدث في تونس ومصر باكتساح الإسلاميين مقاعد البرلمان، هل تتوقعون حدوث نفس السيناريو؟ - بالتأكيد نحن في الجزائر أوضاعنا العامة ليست بعيدة عن الوضع العربي الذي كان يسود مصر أو تونس وبعض الدول، مع فارق أن الجزائر مرت بتجربة كانت مؤلمة وانتفاضة كانت سابقة للانتفاضات العربية لأكثر من عشرين سنة، ولا زلنا نضمد الجرح والآثار المترتبة عنه، ولكن الفساد المالي والإداري وعدم مصداقية الانتخابات ، وضعف مؤسسات الدولة نتيجة عدم إعطاء الكلمة للشعب وأنه هو مصدر السلطات، هو ما نعاني منه حاليا في الجزائر ، وفي اعتقادنا إذا ما كانت الانتخابات حرة ونزيهة فإننا مطمئنون على أن الشعب الجزائري شعب أصيل ومتشبع بقيمه الإسلامية وينحاز في كل الانتخابات إلى التيار الإسلامي ، لأنه يعبر عن هويته وعن أصالته، فالحاجز الذي كان يحجب إرادة الشعب الجزائري هو التزوير، وحتى إذا انحاز الشعب الجزائري لأحزاب أخرى فإننا سنبارك إرادة الشعب. * - الإسلاميون متفائلون الى درجة الإفراط في التفاؤل مع أن الواقع الذي تعيشه أكثر الأحزاب الإسلامية يتسم بالانقسامات والتصدعات، ما مدى تأثير ذلك على الإسلاميين في البرلمان الحالي بعد تراجع حجمهم؟ - نحن لا نقيس على البرلمان الحالي، لأن الانتخابات يشوبها التزوير وإلى حد الآن لا نعرف ما هو حجم الكتلة الناخبة، ولا زالت الإدارة هي التي تنظم الانتخابات وتعلن نتائجها في ظل غياب الأحزاب، وإذا أردنا أن نقيم أنفسنا فالمعطيات غائبة عنا لأن الانتخابات لا تعكس إرادة الشعب الجزائري، والدليل على ذلك أن أكثر من ثلثي الشعب الجزائري لم يتوجه إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات البرلمانية الماضية. * - ماهو سبب عزوف الجزائريين عن الانتخابات ؟ - سببه تزوير الإدارة لإرادة الجزائريين، لذلك أصبح لا يتوجه للانتخابات لأنه يعلم سلفا أن نتائج الانتخابات مقسمة وفق حصص معينة، وسمعنا بعض التصريحات في هذه الأيام تذهب في هذا الاتجاه، وإذا لم توجه له رسائل صحيحة وسليمة تعيد له الثقة في العملية السياسية برمتها ، وأعتقد أن العزوف سيكون أكثر ، وعندئذ ستكون الجزائر في مفترق طريق ، إما تنظم انتخابات نزيهة والبرلمان القادم يصحح الأوضاع أو سنكون مفتوحين على خيارات أخرى قد لا تتحكم فيها لا الأحزاب ولا السلطة. * - في قانون الأحزاب الجديد مادة تمنع قادة جبهة الإنقاذ المحظورة من تأسيس أحزاب وممارسة السياسة، ما موقفكم من ذلك وهل حزبكم مفتوح لأنصار الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر؟ - نحن في حركة النهضة ناضلنا من أجل أن يتمتع جميع الجزائريين بحقوقهم المدنية والسياسية وكلفنا ذلك غاليا، وللأسف أن القوانين التي جاءت بعد توقيف المسار الانتخابي كانت قوانين أزمة، فنحن لم نخرج بعد من الأزمة، ودعمنا الرئيس بوتفليقة لفترتين رئاستين متتاليتين ، وكان يحذونا في كل أمر موضوع المصالحة الوطنية ، ولذلك وقفنا إلى جانب قانون ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، وطالبنا بعفو شامل لنطوي صفحة الأزمة بشكل نهائي، وعندئذ يكون للجميع الحق في ممارسة السياسة، هناك تجارب مرت بها بعض البلدان، كانت فيها نزاعات مسلحة، وبعد وضع السلاح يتم التوجه نحو السياسة، وعندنا بعض الحالات ، ففي سنة 2002 أسقطت لنا الإدارة 27 قائمة انتخابية من أصل 48 تحت طائلة “خطر على الأمن العام”، وللأسف قانون الانتخابات الجديد لا يخدم استقرار الجزائر ويشعر عدد كبير من الجزائريين أنهم محرومون من حقوقهم السياسية، وفي نظرنا لابد من استدراك هذا الأمر في الانتخابات القادمة. * - ما مدى مصداقية الأنباء التي تحدثت عن بوادر تحالف إسلامي في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟ - هذه أمنية عند الكثيرين، لأن من خصوصية التجربة الجزائرية واختلافها بما يحصل في محيطها العربي أنه لا يوجد هناك حزب واحد، توجد مجموعة من الأحزاب ، ووزارة الداخلية اليوم بصدد اعتماد أحزاب أخرى وهذا ما يشتت الوعاء الإسلامي، ولذلك الأمل يحدو الكثيرين ونحن من هؤلاء أن يجتمع هذا التيار ويجمع صفوفه ليكون أداؤه في المرحلة المقبلة أفضل ويتجاوز بعض الخلافات، ولكن بين الأمل والواقع أمر آخر، نحن في حركة النهضة في الجزائر أمام تحديين ، الأول يتعلق بالعملية السياسية برمتها ، وهذا لابد أن تتكتل بشأنه جميع الأحزاب السياسية التي تؤمن بمصداقية و نزاهة الانتخابات ومحاربة التزوير بغض النظر عن لونها، لذلك ندعو إلى ضرورة تشكل تكتل قوي لدفع السلطة لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة خاصة مع الإرادة السياسية التي عبر عنها رئيس الجمهورية بهذا الشأن. ونحن بصدد إعداد مذكرة نضمنها جملة من الاقتراحات حول كيفية ضمان تنظيم الانتخابات، الأمر الثاني على مستوى التيار الإسلامي نحن على تواصل مع الجميع حيث كانت لنا الرغبة في ضرورة التعاون الذي يبدأ بميثاق شرف بحيث لا تكون المنافسة حتى داخل التيار الإسلامي بعيدة عن القذف أو التجريح، ويمكن أن يرتقي التعاون الى قوائم مشتركة ليس شرطا أن يجتمع الجميع، ربما هذا يفتح آفاق التعاون في المستقبل على مستوى تعديل الدستور، لكن بين الحد الأدنى والأعلى توجد مساحة للتحرك نحن نأمل أن تكون الأحزاب ذات التوجه الإسلامي في مستوى تطلعات الشعب الجزائري لأنه في نهاية المطاف يطوق الى تغيير سلمي وهادئ بعيدا عن المآسي التي عشناها أو عرفناها.