قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إن تحدي المياه أصبح من أكبر وأهم التحديات التي تواجه دول العالم، وهو ما يؤكده كثير من العلماء والخبراء والمختصين. وأضاف- حفظه الله- في كلمة ألقاها نيابة عنه وزير التجارة والصناعة، الدكتور توفيق الربيعة في افتتاح فعاليات المؤتمر الهندسي العربي السادس والعشرين (الموارد المائية في الوطن العربي) أمس في جدة، أن أزمة المياه أصبحة قضية البيئة الأولى، وهو الأمر الذي أكده تقرير صادر عن الأممالمتحدة، إذ أوضح أنه بحلول عام 2025 سيكون هناك تهديد قوي للعديد من سكان العالم بنقص في المياه ومصادرها الجوفية، وأن الماء أصبح ثروة محدودة الكمية، وسكان العالم في تزايد غير محدود وموارده الطبيعية في تناقص مستمر ومقلق لعدم تجددها. وقال: إنه لا يخفى على الجميع التكاليف الباهظة لتوفير المياه من مصادر غير تقليدية مثل التحلية وغيرها، لذا أصبح من الضروري التذكير بالمسؤولية الشرعية والاجتماعية والأخلاقية والنظامية في المحافظة على هذه النعمة، ووضع ترشيد استهلاك المياه نصب أعيننا للمحافظة على هذه النعمة والثروة العظيمة لنا ولأجيالنا القادمة. ونوه د. الربيعة بالدعم والتشجيع الذي يجده القطاع الهندسي والمياه ومشاريع البنية التحتية للخدمات الهندسية والمهندسين في المملكة من قبل الحكومة، ويأتي ذلك تأكيدا منها على الدور الكبير الذي يقوم به مهندسو المملكة نحو خدمة دينهم ووطنهم وقيادتهم في شتى المجالات، كما يعطي دلالة واضحة على المكانة العالية التي تحظى بها الهيئة السعودية للمهندسين بصفة خاصة. وقال: إن ديننا الإسلامي الحنيف خير دين على وجه الأرض، يدعونا جميعا للمحافظة على المياه وعدم الإسراف في استخدامها لما لها من أهمية فقد جعلها الله سبحانه حقا للبشر جميعا، ونهى عن الإسراف في استخدامها وإفسادها، كما قال تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)، وأضاف: من هذا المنبر أوجّه الدعوة للجميع بلا استثناء للتعاون مع الجهات المسؤولة لترشيد الاستهلاك كي لا يذهب ما يبذل في سبيلها من مال وجهد سدى، مؤكدا: « لن ندع أمرا فيه مصلحة للوطن والمواطن إلا وأوليناه كل عنايتنا بما يتفق مع عقيدتنا أولا ثم أخلاقنا، وبما يحقق التوازن بين كميات المياه المتوفرة وزيادة الطلب على المياه ضمانا لتوفير احتياجات الأجيال القادمة». من جهته، أوضح وزير المياه والكهرباء، المهندس عبدالله الحصين أن موضوع شح المياه الحالي والمستقبلي يحتل الهاجس الأكبر للعالم، حيث أشارت تقارير عدة معنية بقطاع المياه إلى الأهمية المتزايدة لمشكلة ندرة المياه في كل أنحاء العالم. وحذر الحصين من أن نسبة تزايد أعداد السكان تنذر بالمزيد من الصعوبات لغياب المصدر المائي في كثير من جوانبه. وقال محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، الدكتور عبدالرحمن بن محمد آل إبراهيم، أن الدول العربية التي يُمثِّل سكانُها قُرابةَ (5%) من إجماليِّ سكانِ العالم؛ لا يتوفر فيها سوى (1%) من المصادر المائية العذبة المتجددة؛ الأمر الذي أدى إلى أن تحتل المنطقةَ العربيةَ المرتبة الأخيرة من حيث توافر المياه العذبةِ للفردِ، مقارنةً بالمناطق الأخرى في العالم. و أضاف: لو نظرنا إلى احتياجاتِ الفردِ من المياه في أغراضهِ الأساسيةِ؛ لوجدنا أكثر من 45 مليون شخص في العالم العربي لا يزالون يفتقرون إلى مياه نظيفة أو خدمات صحية مأمونة. مشيرا إلى أن شُحَّ المواردِ المائيةِ دفع عدداً من البلادِ العربيةِ إلى الاعتماد على صناعةِ تحليةِ المياهِ لتلبيةِ معظمِ احتياجاتِها للأغراض المدنية، هذا الأمر، جعل البلادَ العربيةَ تتسابقُ إلى بناءِ قدراتِ تحليةٍ حتى وصلت تلك القدرات إلى ما يربو عن 50% عالمياً، رغم أن عدد سكانها يصل إلى 5% من إجمالي سُكان العالم. وعلى صعيدِ جهودِ المملكةِ العربيةِ السعودية، فقد بذلتِ المملكةُ الكثيرَ في مجالِ تحليةِ المياهِ لمواجهةِ الطلبِ على المياه للأغراضِ المدنيةِ، حيث نفَّذَت المؤسسةُ العامةُ لتحليةِ المياهِ المالحةِ على مدى تاريخِها العديدَ من مشاريعِ إنتاجِ الماءِ والكهرباءِ، حتى أضحى لدى المملكةِ اليومَ (27) محطةً عاملةً بإنتاجٍ يزيد عن (3) ملايين متر مكعب يومياً من المياه المحلاة. وهو ما يمثل أكثر من 50% من احتياجاتِ مياهِ الشربِ في المملكةِ، ويمثل قرابة 18% من الإنتاجِ العالميِّ للمياهِ المحلاة؛ الأمر الذي جعلَ المملكةَ في صدارةِ الريادةِ كأكبرِ منتجٍ للمياهِ المحلاةِ في العالم. وبين د. عبدالرحمن أن المستقبل يزخر بمشاريعَ عملاقةٍ، حيث مشروع رأس الخيرِ على الخليجِ العربيِّ بطاقةٍ قدرها 1,025.000 متر مكعب من الماء في اليوم، و2,400 ميجاوات من الكهرباء، ما سيجعل مشروعَ رأس الخيرِ أكبرَ مشروعٍ من نوعه في العالم، ومشروعِ ينبع المرحلة الثالثة، الذي سوف يؤمِّن طاقةً إنتاجيةً إضافية بمقدار 550,000 متر مكعب من الماء في اليوم، و2,500 ميجاوات من الكهرباء، وتزامنَ مع ذلك مشاريع متعدّدة لنقلِ المياهِ المحلاَّةِ، في شبكة من السواحل إلى المدن الداخلية بأطوالٍ تربو عن (4100) كم. وأكد أن المؤسسة العامة لتحليةِ المياهِ المالحةِ، أولت أهميةً بالغةً لمجالِ تطويرِ صناعةِ التحليةِ وخفضِ تكلفتِها، من خلالِ معهدِ الأبحاثِ وتقنياتِ التحليةِ التابعِ للمؤسسةِ بالجبيل، حيث قام المختصون بالمعهد وبمشاركة الشركات الرائدة في مجال صناعة تحلية المياه بتطوير عدد من التقنيات في مجالات التحلية الحرارية والأغشية، نتج عنها كثير من الابتكاراتِ والتطبيقاتِ العمليةِ، التي أدَّت إلى خفضِ التكلفةِ وتحسينِ الإنتاجِ، صاحَب ذلك حصولُ معهدِ أبحاثِ المؤسسةِ على عديدٍ من براءاتِ الاختراع. د. الربيعة م. الحصين
د. عبد الرحمن
وزيرا التجارة والمياه ومحافظ المؤسسة العامة للتحلية أثناء افتتاح المؤتمر في جدة أمس ( تصوير: يوسف جحران)