الشيخ سلمان عالمٌ وشيخٌ مشهودٌ له بالصدق، إلا أن خطابه الأخير مستغربٌ، وفيه لغة تهديد لم تُعهد عليه من قبل، ثم إن توقيت الخطاب وتقديمه بعد تجمع بريدة الذي كان مليئاً بالتجاوزات، كأنه إقرار منه بما فعلوا أو تبرير لما صنعوا. الشيخ سلمان في هذا الخطاب هدفه نبيل، ولكن وسيلته غير مجدية، وطريقة معالجته قضايا المساجين بهذه الكيفية ستدعو إلى الفوضى والانفلات الأمني. فقول الشيخ إن (السجون خلت من أي استراتيجية) هو تعميم غير حقيقي، فالسجون العامة لها استراتيجية واضحة وتراعي الجوانب النفسية والصحية والتعليمية للمسجونين، وهذا بشهادة جمعية حقوق الإنسان. أما إن كان قصد الشيخ سجون المباحث فسجون المباحث هي محطة عبور إلى القضاء الشرعي، والقضاء هو الذي يتحمل تأخير محاكمة نزلاء سجون المباحث والبت في قضاياهم بالسرعة المطلوبة. وقول الشيخ (إن الناس يحتاجون إلى جهة لا تنتسب إلى الأمن تتحدث عن السجون) فهذه الجهة موجودة وهي جمعية حقوق الإنسان، التي زارت سجون المباحث وأصدرت إيضاحات وتوصيات، وبيّنت أن سجون المباحث مصمَّمة بشكل مُرضٍ ويناسب السجين، وكل الشائعات بوجود تعذيب مفرط ووجود عشرات الآلاف وانتهاك حقوقهم الإنسانية إنما أشيعت لأجل تأليب الرأي العام وتشويه سمعة جهاز المباحث، وهو كلام غير صحيح، ولكن الجمعية كذلك لم تفقد حياديتها، بل أقرت وأوصت بضرورة إحالة النزلاء إلى القضاء، والحاجة إلى البت في قضاياهم، وأنه من الخطأ حبس بعضهم لأشهر بل لسنوات من دون محاكمة. إنني أتمنى من الشيخ سلمان، وهو الحريص على لحمة الوطن، أن يغلق خطابه المفتوح ويسحبه قبل أن يقع المحذور وتُحسب كل مظاهرة وما يصاحبها من أخطاء على الشيخ. إن موضوع سجناء الرأي وسجناء المباحث لا يُحل بالتشهير والتهديد والتجمعات، بل بدخول البيوت من أبوابها وتقديم الشفعة بطريقة مهذبة، لاسيّما أن الشيخ ذو مكانة ويستطيع أن يصل إلى صنّاع القرار، وسيجد آذاناً مُصغية وقلوباً راضية، بدلاً من خطاب التهديد والتصعيد الذي لا يفيد.