وصف المفكر الإسلامي، الدكتور عبدالحميد أبو سليمان، الاختلافات بين العلوم المنتجة للمعرفة والفكر، وبين الروح والعقل، بأنها تأتي في سياقاتها الطبيعية التي تتشكل عبر الحس الروحي، الذي أكد على أهميته في وحدة الأمة الإسلامية وفكرها بعيداً عن الخطابات الخاصة. وتناول أبو سليمان الفكر الوجداني والعقلي في فكرنا الإسلامي، من خلال تمهيد استعرض فيه مفهوم الأممية مقارنة بما يجب أن يكون، وما تمثله الأمة الإسلامية في خارطة العالم المعاصر اليوم، وما تعكسه علاقات هذه الأمة بعضها ببعض مقارنة بالعالم من حولها، مستعرضاً اختلاف الرؤية الكونية تجاه قصة العقل والوجدان، وأورد عدداً من الشواهد القرآنية، والأحاديث النبوية، مقدماً من خلالها ربطاً لمفهوم الأمة الذي ينعكس بدوره على عقل الإنسان ووجدانه تجاه علومه ومعارفه، مستشهداً بقوله تعالى «وعلم آدم الأسماء كلها». جاء هذا في إطار البرنامج الثقافي المصاحب لفعاليات معرض الكتاب «العقل والوجدان في الفكر الإسلامي»، بمشاركة سعيد بنسعيد العلوي، وعبدالحميد أبو سليمان، وإبراهيم الدويش، وأدارها عزالدين موسى. بدأ بنسعيد حديثه عن الفكر الإسلامي بمدخل عن العقل والوجدان، ساعياً إلى تناول الجانب المفاهيمي الذي وصفه بأنه مجال خصب للدارسين المتتبعين لتعريفات الفكر الإسلامي في سياق هذين البعدين المنتجين للفكر الإسلامي، موضحاً أن المفاهيم التي ينطلق منها الباحثون تجاه موضوع الندوة «العقل والوجدان في الفكر الإسلامي» تظل موضوعاً شائقاً شائكاً. وقال المحاضر: بحث كثير من علماء المسلمين، عبر العصور، تناظرات تعريفية تتميز بالتقابل والتناظر، كما هو الحال في مسألة الليل والنهار، حيث جاءت دراساتهم الفكرية بين ما وصفه المحاضر بعلم دارج سائد بديهي، وعلم آخر يأتي بما يمكن تسميته بالعلم الضروري الذي يسعى من خلاله الباحثون إلى الإجابة على مثل عنوان الندوة، لنبحث من خلال ما قدموه ماهية العقل، وماهية الوجدان، في الفكر الإسلامي. وأورد العلوي في ختام حديثه أمثلة فكرية من مؤلفات العرب المسلمين، وما تبع ذلك من مؤلفات فلسفية، كما هو عند ابن حيان، وابن رشد، وغيرهما من فلاسفة العصر الحديث الغربيين، كديكارت، وغيره، متخذاً من كتاب «الجاحظ» البيان والتبيين أمثلة للمقارنة بين مفاهيم الوجدان التي شاعت في عصره، مما عرفه ودونه عن الشعوب المجاورة للعرب. وشدد الداعية الدويش على أهمية المرجعية الإسلامية، كونها مرجعية ضابطة للعقل من جانب، وللوجدان من جانب آخر، ليتسنى للعقل والوجدان أن ينطلقا في تكاملية متوازنة سعيدة رسمها له القرآن الكريم والأحاديث النبوية التي تدلنا عليها سيرة المصطفى – صلى الله عليه وسلم – الأمر الذي لا يمكن بعد ذلك أن يضاهيه، أو يلتفت إليه عقل، أو وجدان، تجاه تجربة إنسانية حاولت جاهدة أن تقدم فكرة تجاه هذه القضية التي جعلها الإسلام محل حرص وموضع رفعة، وجعل له مكانة تعنى بالتأمل والتفكر والتدبر، مستعرضاً نصوصاً شرعية تقص علينا تجارب فردية وجماعية في جانبي العقل والعاطفة.