لن يهدأ لبنان، فلعنة الأزمة السورية تؤرق أيامَه، أمس الأول لم ينم لبنانيُّو القرى الحدودية بسبب الاشتباكات المسلحة التي حوَّلت ليلهم إلى نهار. تحدثت المعلومات عن حشد الجيش السوري الحر مئات المسلحين للسيطرة على معبر جوسيه – حمص، سبق ذلك توتر نجم عن قنص لبناني برصاص سوري، وأسفر عن اشتباكات بين مسلحين وجيش النظام السوري ترتب عليه سقوط قتيل وثلاثة جرحى. الاشتباكات العنيفة على الحدود اللبنانية السورية وقعت في محلة جوسيه، المقابلة لمشاريع القاع، بين الجيش السوري ومجموعات مسلحة تابعة للمعارضة، وأشار سكان المنطقة إلى أنَّ الاشتباكات بدأت ظهر أمس الأول واستمرت حتى المساء، فيما أشارت معلومات جرى تداولها في المنطقة إلى سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف المقاتلين المعارضين الذين حاولوا السيطرة على إحدى نقاط الجيش السوري لكنهم لم ينجحوا. وترددت معلومات أنَّ نحو ألفي عنصر من الجيش السوري الحر ينفذون حالياً عملية عسكرية على منطقة جوسيه داخل الأراضي السورية وبعض القرى السورية التي يسكنها لبنانيون في محيط حوض نهر العاصي للسيطرة التامة على معبر جوسيه – حمص. في سياقٍ متصل، كشفت معلومات خاصة ل «الشرق» أنَّ هناك توجهاً لدى قياديين في المعارضة السورية لربط منطقة القصير بقرى وادي خالد عبر ذلك المعبر، باعتبار أنَّ تلك المناطق تُشكل خزاناً واسعاً لمؤيدي المعارضة السورية. في موازاة ذلك، وقع اشتباك مماثل في اليومين الماضيين في المقلب الآخر من الحدود، فلم تكن ليلة وادي خالد تُشبه غيرها من الليالي، ظلمتها الدامسة انقلبت نهاراً مع رصاص الرشاشات وقذائف الآر.بي. جي والهاون التي استُخدمت في المعركة، ناهيك عن القصف المدفعي الذي طال عدداً من المناطق الحدودية. إزاءَ ذلك، انقسمت الروايات حول حقيقة ما جرى، بالنسبة إلى أهالي وادي خالد، بدأت القصة عندما استهدفت رصاصة قناص الشاب حسين عزو إسماعيل في رأسه فأردته قتيلاً على الفور. وبحسب هؤلاء، استدعى مقتل إسماعيل ردود فعل غاضبة دفعت عدداً من الشباب إلى افتعال المعركة ليلاً انتقاماً لمقتله، وأشارت المصادر إلى أنَّ هؤلاء هاجموا مواقعَ للجيش السوري بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة عند الساعة الواحدة من بعد منتصف الليل فاندلعت معركة استمرت حتى الساعة الرابعة صباحاً استُخدِمَت فيها القوات السورية المدفعيات. وحول ملابسات الحادثة، علمت «الشرق» أنَّ الشاب القتيل كان يحاول تهريب مجموعة من الشباب إلى الداخل السوري عند استهدافه، ولفتت المصادر إلى أنَّ الأخير ينشط على خط دعم المعارضة السورية، علماً أنَّه سبق أن ساهم في تهريب عدة مجموعات مسلَّحَة، وتكشف المصادر نفسها أنه كان مقصوداً قتل إسماعيل لدوره في دعم المعارضة السورية. وفي هذا السياق، تحدثت أوساط النظام السوري عن «إفشال الجيش السوري محاولة تسلل لعناصر الميليشيات من الأراضي اللبنانية»، لافتةً إلى أنَّ عناصرَه أوقعوا إصابات في صفوف مسلحين أرادوا التسلل إلى سوريا عبر معبر تلكلخ الحدودي مع لبنان، كما أشارت إلى استخدام المدفعية وقذائف الهاون والأسلحة الرشاشة خلال المواجهات مع المسلحين القادمين من بلدة المشيرفة والبقيعة اللبنانية. ودفعت ضراوة الاشتباكات سكان مناطق البقيعة والهيشة وعرب بني صخر في وادي خالد إلى النزوح تخوفاً من تجددها، وأثناء ذلك، أقام الجيش اللبناني حواجز ثابتة ومتحركة في محاولة لتوقيف المتسللين والمسلَّحِين المشاركين في الاشتباكات، إلا أنَّه لم ينجح في ذلك.