حذر مركز »كاثام هاوس للأبحاث» في لندن، من أن الاستهلاك المحلي للطاقة في المملكة العربية السعودية، وهي أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، ينمو بسرعة كبيرة، مشيراً إلى أن «هذا الاستهلاك قد يهدد قدرة المملكة على إمداد أسواق النفط العالمية بالكميات المطلوبة على نحو كافٍ»، داعياً إلى «رفع أسعار المحروقات في المملكة، بهدف خفض معدل الاستهلاك». في الوقت نفسه، رفض أستاذ اقتصاديات الطاقة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور محمد السهلاوي، اقتراح رفع الأسعار، مفضلاً زيادة إنتاج المملكة من النفط، وتفعيل سياسة ترشيد الاستهلاك في الأسواق المحلية. وأفاد بيان صادر عن مركز «كاثام هاوس للأبحاث» أمس الأول، أن «نمط استهلاك الطاقة في السعودية غير قابل للثبات، إذ إنه ينمو بشكل سريع جدا، بسبب أسعار الوقود المنخفضة، التي تعد مشجعة على الإسراف». وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، أن المركز اقترح لحل هذه المشكلة، رفع أسعار الطاقة المحلية في المملكة، إلا أنه رأى أن هذا الإجراء أيضا محفوف بالمخاطر»، مشيرا إلى أنه «من السهل قول ذلك، وليس فعله في بلد يباع فيه لتر البنزين بما يعادل 16 سنتاً». وأشار المركز إلى أن الطلب المحلي على النفط والغاز ينمو سنويا بمعدل 7 %، ومن شأن هذا المعدل أن يضاعف الاستهلاك المحلي خلال عقد. ويرى المركز أن استمرار هذا المعدل من الاستهلاك المحلي في السعودية، من شأنه حرمان العالم من مليوني برميل في اليوم من صادرات النفط، والقضاء بشكل كبير على قدرة المملكة على إنتاج احتياطي النفط، الذي يعد ضروريا في وجه أي نقص في الإمدادات، مثلما حدث أخيراً من توقف للإنتاج الليبي. وتوقع المركز أن «تكون النتيجة النهائية أزمة في إمدادات النفط، يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع حاد في الأسعار». وقال المركز: إن «رفع أسعار الطاقة هو أكثر الوسائل وضوحاً للحد من الاستهلاك». واتفق أستاذ اقتصاديات الطاقة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور محمد السهلاوي، مع ما ذهب إليه المركز، وقال: إن «المملكة تواجه استهلاكاً محلياً متزايداً على المنتجات البترولية، إذ إن الطلب على هذه المنتجات يتزايد بنسبة 5 % سنويا، وهذا يمثل عبئاً كبيراً عليها، كمصدر رئيس للبترول في العالم»، مضيفاً أن «كمية كبيرة من الإنتاج، تذهب للاستهلاك المحلي، مما يؤثر على كميات التصدير، وبالتالي يؤثر على الإيرادات السعودية». وأضاف «لابد أن تواجه المملكة هذا الاستهلاك المحلي بزيادة الإنتاج، وإلا فإن السوق العالمية للنفط ستواجه نقصاً في الإمدادات، يصل إلى مليون برميل يومياً خلال السنوات الخمس المقبلة، وهذا من شأنه الضغط على الأسعار في الاتجاه التصاعدي». وأوضح السهلاوي «أنه لا يحبذ مواجهة تزايد الاستهلاك المحلي برفع أسعار الوقود، أو بالاستيراد»، مؤكداً أن «الحل الوحيد الآن يكمن في زيادة الإنتاج»، مبيناً أن «المملكة لديها إمكانات كبيرة لزيادة الإنتاج اليومي». وشدد السهلاوي على «ضرورة القيام بخطوات في اتجاه ترشيد استهلاك الطاقة غير زيادة الأسعار، مثل التوجه لتعزيز إنتاج الغاز الطبيعي، والبدء بجدية في تطوير إنتاج الطاقة الشمسية، والاستفادة منها في توليد الكهرباء، مما سيقلل الاستهلاك المحلي». ونبه أن «معظم الاستهلاك المحلي يتمثل في «البنزين»، الأمر الذي يتطلب اتباع سياسات أخرى لترشيد استخدام السيارات نفسها، وليس رفع أسعار الوقود، لأن رفع السعر لن يؤدي إلى خفض الإنتاج». وتشير معلومات اطلعت عليها “الشرق” أن القيمة الدفترية لبرميل النفط في إطار الاستهلاك المحلي لا تتجاوز خمسة دولارات. وكان وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي، أكد أمس الأول ل»الشرق» أن «المملكة لديها طاقة إنتاجية، من الممكن أن تصل إلى 12.5 مليون برميل يومياً، إلا أن الطلب الحالي يتراوح بين تسعة وعشرة ملايين برميل»، مشيراً إلى أن سياسة المملكة في أوبك، تميل إلى الاعتدال والإقناع بالتي هي أحسن»، موضحاً أن «المملكة تسعى إلى إقناع الطرف الآخر بحسن القرار، وهذا ما تم في الاجتماع الأخير للمنظمة». وقال: «أسعار الغاز السائل ما زالت ثابتة، إلى حين وجود ما يستدعي تغييرها». وتحدث النعيمي على هامش حضوره حفل تدشين المعهد التقني السعودي لخدمات البترول، الذي شرفه حضور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد أمير المنطقة الشرقية، وبحضور رئيس شركة أرامكو المهندس خالد الفالح، تحدث حول ترتيب المملكة من حيث إنتاجها للغاز، وقال: «المملكة تحتل المركز الرابع بين الدول المنتجة للغاز، وتتصدر روسيا المركز الأول، تليها إيران ثم قطر». خالد الفالح