غضب البعض من عنوان «الشرق» أمس، وبعض الغضب مفهوم إن كان القصد منه براءة بريدة، وبعضه يندرج ضمن الحماس للمتجمعين أو بصورة أدق المتظاهرين، وهؤلاء يعبِّرون عن رأيهم وموقفهم بكل حرية وعبر كل الوسائل المتاحة. بريدة مدينة لايمسّها سوء، فهي بتاريخها وحضورها وألقها لاتحتاج شهادة، ومن حاول الربط بين العنوان والإساءة فهو يسعى لتحوير الدلالات وقلب الحقائق، لأن التجمع هو مزايدة على هيبة الحكومة وتشكيك فيها مع التأكيد على حق المعتقلين في المحاكمة السريعة والعادلة، وهو مايحدث حاليا بدرجات متفاوتة. أما دفع النساء إلى الشارع من قبل فئات تضغط كثيرا على مقولة أنْ ليس للمرأة سوى بيتها، واستغلال الأطفال فهو مسلك تنظيمي يراهن على الإحراج والادعاء بامتهان النساء، مع أن الفعل الذي يختاره المرء هو قراره سواء كان رجلا أو امرأة. العنوان يصف الحدث وإن أغضب أهل بريدة أو نالهم منه استياء فلهم الاعتذار، لأنها مدينة طاهرة ولأنها تتجاوز الشبهات، ولأنها أصل المكارم، وهي المدينة ذات العظمة في كل تفاصيلها، المتسامقة في جوهرها، النابضة بالحيوية والفعل في جميع ملامحها. لايمكن المساس ببريدة، وماحدث هو سلوك جماعة أصرت على طريقتها ولم ينفع معها خطاب، وأرادت أن تفرض طريقتها مهما كانت النتيجة. للذين تجمعوا مطالب معظمها مشروع، إلا أن طريقتهم تتسم بالتحدي، وتأخذ خط المعارضة، وتتجاهل طرق التواصل الرسمية، وها هو نائب أمير القصيم يلتقي أقاربهم وأعيانهم بحثاً عن حل عملي، ووصولا إلى طريقة منصفة. وحاول الأمن طوال 12 ساعة تهدئتهم وفك تجمعهم لولا إصرارهم وعنادهم وكأنهم يلوون ذراع الحكومة أو يدفعون الأمن دفعا إلى التحفظ عليهم، والتحفظ إجراء أولي تتبعه خطوات نظامية وقضائية أخرى. وسينال كل فرد حقه أو جزاءه، لا خطأ في حق بريدة رغم المزاعم.. لأن الكبار فوق الشبهات.