بدت خطواتهم العسكرية وبزَّاتهم المهندمة غريبةً عن المكان، فلا ملامحُهم تشبه ملامح طلاب العلم المتحلقين في باحاته، ولا كلماتُهم تشبه لغة من يقرأون القرآن تحت أروقته، وحتى عدسات كاميراتهم الموشمة بالنجمة السداسية لم تفلح في التقاط أي معالم تشبههم في المكان، الذي لا يعرف الفلسطينيون له سوى اسم واحد هو «المسجد الأقصى». «إنه اقتحام جديد للمسجد الأقصى، دخلوا من باب المغاربة، ونحن نراقبهم ومستعدون للتصدي لأي محاولة منهم لتدنيس الحرم الشريف»، بهذه الكلمات تحدث الحاج أبوحسن عن دخول العشرات من جنود سلاح البحرية الإسرائيلية باحات المسجد الأقصى المبارك بزيهم العسكري أمس الثلاثاء. ويضيف أبوحسن: «يمكنكم أن تستمعوا من هنا إلى عمال البناء الإسرائيليين الذين بدأوا اليوم في بناء جسر خشبي فوق تلة المغاربة ليسهل دخول المسجد الأقصى، إذا نجحوا فستكون الاقتحامات للمسجد كل ساعة وليس كل أسبوع؛ لأنَّ الطريق سيصبح مفتوحاً من ساحة البراق إلى باحات المسجد الأقصى بشكل مباشر». هذه التطورات المتواصلة دفعت الحكومة الفلسطينية في غزة، والتي تديرها حماس، للتهديد بدخول الفلسطينيين في مواجهة «ميدانية» جديدة مع الاحتلال الإسرائيلي لوقف عمليات تهويد المسجد الأقصى التي شهدت تطورات خطيرة أمس بالبدء في إنشاء جسر خشبي على ما تبقَّى من حي المغاربة الملاصق لجدران المسجد، والذي شهد اقتحام العشرات من جنود الاحتلال لباحاته. وقال الناطق باسم الحكومة الفلسطينية في غزة، طاهر النونو، ل «الشرق»: «المعطيات المختلفة تؤكد أن عمليات هدم المباني التاريخية حول المسجد الاقصى والتدنيس المتواصل لباحاته وطرد السكان من المدينة المقدسة هو مقدمة لهدمه وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، وهو ما لا يمكن أن يرضى به أي إنسان فلسطيني سواء كان مسلماً أم مسيحيًّا». واعتبر النونو أن مجمل هذه الخطوات سيؤدي إلى مواجهة حتمية ليس في ساحات الإعلام والسياسة وحدها، ولكن «على الأرض وفي الميدان»، مؤكداً أن الفلسطينيين سيقدمون حياتهم لمنع هذا المخطط.