أجبرت شرطة أحد المسارحة أسرة على إخلاء المنزل الذي تقيم به في إسكان الملك عبدالله التنموي برمادا، بأمر من إمارة جازان، حيث تم طردهم من المنزل الذي تم توفيره لهم ضمن سكان الحد الجنوبي الذين نزحوا من قراهم بسبب الأوضاع الأمنية ولم يعودوا إليها، بينما تمتلك الأسرة كافة الإثباتات والمشاهد التي تؤكد نزوحها. المسنة شقراء مع علاجاتها وشيء من همومها وعاشت أسرة حسن محسن كعبي المنكوبة فصولا متلونة من المأساة طوال سنين مضت، ولم تزل المعاناة تلبسهم ثيابا متجددة من الشقاء، وترسم لهم مستقبلا قاتما ينبئ عن بداية فصول جديدة من التشرد والحرمان، فلم يكن إخراج الأسرة التي تتكون من ثمانية أفراد من منزلها الذي استحقته كغيرها من النازحين أول مصائبهم، حيث كان حسن كعبي يعول أسرته التي تتكون من والدته الستينية التي تعاني أمراضا مزمنة (شقراء كعبي)، وشقيقه الأربعيني جابر الذي يعاني مرضا نفسيا، إلى جانب شقيقتيه وزوجته وولده وابنته، جميعهم يتجرعون مرارة الألم يوما بعد يوم ويلعقون حنظل قسوة الوقت منذ أن أجبروا على إخلاء قرية الرصفة التي تقع على حافة الشريط الحدودي شمالي شرق محافظة الحرث، يوم بدأت حرب الحوثيين في 19/11/1430ه، حيث هرع السكان يومها حين دوى هدير الحرب في المنطقة وبدأت مدافع المعتدين ترمي بنيران قذائفها من اتجاه الغرب نحو قراهم، وأصوات الطائرات التي تحوم من فوقهم في ذلك اليوم المهيب كما تروي تفاصيله السيدة شقراء. وواصلت شقراء حديثها ل»الشرق» أن الأسرة أجبرت بحكم تلك الظروف إلى ترك الغالي والنفيس، حيث تركوا أرضهم ومنازلهم ومزارعهم في موسم الحصاد، إضافة إلى ممتلكاتهم ومواشيهم وكل ما يملكون من متاع، وقال «كنّا على ثقة حين وعدنا مشايخ القبائل بناء على وعود المسؤولين أنها مجرد أيام معدودة وسيعودون إلى منازلهم وقراهم»، وأضافت «لو كنا نعلم أن حالنا سيؤول إلى ما نحن عليه لفضلنا الموت في أراضينا ومزارعنا خير من المذلة التي أصبحنا نعيشها»، وغلبتها دموعها فأنهت حديثها. في حين ذكر رب الأسرة حسن كعبي أنه حرم من كل شيء تستحقه أسرته، سواء من إعانات النازحين المالية منذ خروجهم من قريتهم إلى عدم إدراج اسمه ضمن أسماء من يستحقون الحصول على منزل في الإسكان التنموي، مؤكدا أنه يمتلك كافة الإثباتات والمشاهد التي تؤكد أنه مستحق لكل ذلك، مشيرا إلى أن استثناءه كان بسبب تأخره في إضافة زوجته إلى سجله المدني إلى ما بعد أسابيع قليلة من النزوح، متسائلا «ما ذنب والدتي وشقيقاتي وشقيقي المريض وأبنائي الذين ليس لهم الآن منزل يؤويهم». من جهته، أوضح ل»الشرق» الناطق الإعلامي لشرطة جازان العقيد عوض القحطاني، أن المواطن حسن محسن كعبي أقام في المنزل دون أن يسلم له رسميا، مضيفا أن عليه مغادرة المنزل وإخلاءه بموجب أمر صادر من إمارة المنطقة. من جهة أخرى، اتصلت «الشرق» يوم السبت 21/3/1434ه، بمحافظ الحرث محمد هادي الشمراني، المسؤول المباشر عن توزيع الإسكان للنازحين، واستفسرت عن الموضوع، حيث طلب حضورنا إلى مكتبه في المحافظة يوم الإثنين 23/3/1434ه، وحضرت «الشرق» إلى مكتبه في الموعد المحدد، ولكن بعد انتظار لأكثر من ساعة كاملة في غرفة الاستقبال لم نتمكن من مقابلته. وعلمت «الشرق» أن فرقتين من شرطة أحد المسارحة حضرتا في الساعة الحادية عشرة من ظهر يوم الثلاثاء الماضي 24/3/1434ه، وداهمت المنزل وأجبرت العائلة على إخلائه بالقوة، لتبدأ الأسرة رحلة شتات جديدة ضحيتها ثمانية أفراد. مشهد من الدفاع المدني