استضافت مجموعة مجاز الثقافية في البحرين الناقد الدكتور سعد البازعي، للحديث عن «قصيدة النثر السعودية» في أمسية عبّر عنها البازعي بأشبه ما يكون بقصيدة النثر باختزالها ونخبويتها، وحضرها مجموعة من الأدباء والنقاد البحرينيين في غاليري، مساء أمس الأول، وأدارها الكاتب زكريا رضي. واختار البازعي، موضوع «مواجهات العزلة: قصيدة النثر وسطوة المألوف» عنوانا للندوة والبحث والأمثلة، لأنه بتعبيره «يصب في هذا الشكل الإبداعي»، مبتدئا، أن «العزلة جزء من تاريخ الشعر العربي»، وباعتبار أن العزلة قدر ينتظر المثقف «ثمة قوة تأتي بالعزلة، إنها الاضطرار للاختلاف والخروج عن رأي الجماعة، ومطالب السائد والمتعارف عليه، إنها الغربة أو التوحد أو التفرد أو النفي». وأشار البازعي إلى أن «العزلة نسبية، تخفت حينا وتسطع حينا، من هنا كانت العزلة تعني المواجهة.. مواجهة الذات، ومواجهة الآخرين، تعني الرؤية الخاصة في مواجهة الرؤية العامة». منوها إلى أنه في مستهل الحداثة الشعرية العربية واجهت قصيدة التفعيلة عزلتها الشكلية، فرُجم إيقاعها «المتفلّت» بتهمة اغتيال التراث لكنها ظلت محتمية ببعض الصلات التي تربطها بذلك التراث، فمضت في وجود قلق، يُقبل حينا ويُرفض حينا، أما قصيدة النثر فكان قدرها أكثر اكتظاظا بالشجب والرفض والاستهزاء، فجاءت عزلتها مؤلمة جدا». وتطرق البازعي، إلى تجربة قصيدة النثر السعودية، ابتداءً من تجربة ناصر بوحيمد، الشعرية ضمن ديوانه «قلق» وبيّن أن قيمتها تكمن في أسبقيتها التاريخية أكثر مما تكمن في قيمتها الجمالية أو الدلالية، رغم أنها جاءت بقلق العزلة أيضا، موردا بعض النماذج من هذه التجربة، ومنتقلا إلى تجربة الشاعر حسن القرشي، ومأزقها الوجودي، بالإضافة إلى آخرين، اشتركوا في التعبير، الذي وضعهم إزاء إشكالية ثقافية ومعرفية بقدر ما هي حساسية شعرية. ثم قفز إلى نصوص أقرب زمنيا، تناولت موضوع العزلة ليس كإشكالية موضوعية «ثيمة»، وإنما كإشكالية النص نفسه، حيث يتحول الشاعر المعكتف إلى نصه نفسه في عزلة أخرى تضاف إلى عزلة الشاعر نفسه، التي تحدث نتيجة لغربة التلقي وابتكار الجماليات. وفي هذا المجال تطرق البازعي، إلى مجموعة من الأمثلة لشعراء أحدث في المشهد الشعري السعودي بالتحليل مثل تجربة الشعراء إبراهيم الحسين، وعلي العمري، وأحمد الملا، ومحمد الدميني، وفوزية بوخالد، وهدى الدغفق، منتقلا إلى تجربة شعرية جديدة أكثر للشاعر محمد الضبع، مشيرا إلى أن البحث لم يهدف إلى المسح الكامل لتجربة قصيدة النثر في السعودية، لكنه تطرق إلى إشكالية العزلة عبر نماذج شعرية معينة، ظهرت فيها العزلة بقوة. وفي نهاية الأمسية جاءت المداخلات حول إشكالية تسمية قصيدة النثر، وقدرية العزلة في قصيدة النثر، والعزلة الوجودية والجغرافية والفكرية للشاعر في الجزيرة العربية، والبحث عن هوية فردية في مجتمع جمعي.