والدان في المنزل، ووالدان خارج المنزل، هكذا يعيش أبناء جيل الثورة الإيرانية، إذ تختلف صورة الوالدين في المنزل عما هي في الشارع، وذلك منذ استيلاء المؤسسة الدينية بفكرها الصفوي على دفة الحكم في إيران بعد انتصار الثورة، والضغط الشديد على الشارع الإيراني خاصة إبان الحرب الإيرانية العراقية (1980 – 1988)، مما جعل المواطن الإيراني يتظاهر في الشارع وفي المؤسسات والأماكن العامة بسلوك مغاير لسلوكياته في المنزل. ويختلف سلوك الأسر في البيوت الإيرانية عما هو عليه في الشارع وفي الأماكن العامة، إذ لا تخلو البيوت من إقامة الحفلات والسهرات والموسيقى والرقص بعيداً عن القيود الدينية والمذهبية التي تفرضها سلطة الملالي، فالأبناء يعيشون هذه السلوكيات وأسرهم في البيوت، أما في الشارع، فيرى الأبناء أباً ملتحياً وتكاد لا تفارقه المسبحة ويتحدّث باسم الدين ويخاطب الآخرين بأخي وأختي، أما الأم فهي الأخرى تجدها محجبة ولا يختلف سلوكها عن سلوك الأب في الشارع. مثل هذه التناقضات في سلوك الوالدين يخلق حالة من الانفصام في الشخصية والاضطراب في نفسية الجيل الجديد الذي تعوّل عليه الثورة الإيرانية لحمايتها في المستقبل من المخاطر الأجنبية على حد ادعاء السلطة الحاكمة في طهران. وإذا كان الصغير يقتدي بالكبير ويتأثر الأبناء بالآباء في بلد تخدش فيه براءة الأطفال بعد تشبّعهم بالتناقض والاضطراب والتنكر والازدواجية في السلوك اليومي، فأي مستقبل ينتظر هذا الجيل وكيف يمكن المراهنة عليه؟