كثيراً ما يرافقني هذا السؤال حين أقرأ المقالات الساخرة على وجه الخصوص، أُحبّ هذا النوع من الكتابة، أحبّ تفكيك نبض الكاتب وأتعمّق في وجع الحرف الذي خرج إلينا على هيئة كلامٍ طريف. أشعر أن ثمّة علاقة حميمة بين القارئ والكاتب تربطهما لغةٌ واحدة ألا وهي: الوجع! فيا أيها القابضون على جمر الوجع، الكتابة الساخرة لا تجيء حين تجيء إلا هكذا، أنتم تبكون بالكتابة، لتسمعوا نحيب الشوارع ونحن: نضحك! حسناً، وإن كانت أفواهنا ضَحُوكَة لكننا قد لا نستطيع أن نمنحكم إياها على المدى. لماذا؟! لأن هناك مَن شَوَّه هذا الفن الساخ(ط) بكتابتهِ، ثم يسأل أفهمتم؟! نقول: لا. فيجيب: أكيد لا، فأنا أصلاً لم أفهم نفسِي! هنا تبدأ المعركة، معركة الكاتب الذي يظن نفسه ساخراً فيبدأ بالتهريج حتى لَينتهي التهريج إليه أو يكاد! نحن نميل إلى الأشياء المؤلمة لأننا متألمون في أغلب الأحيان، ولكن الادّعاء الموظَّف لإفساد الذوق يجعلنا نعيد النظر. فهل نلتفت إلى المواقف والمفارقات الحياتية، أم نلتفتُ إلى الأحداث التي ترفُّ علينا، أم إلى الكاتب عينه؟! في الحقيقة، إضحاك الناس ليسَ مهنة الحرف الساخر فهذا يُدِرُّ شفقة القارئ ليس إلا. سبب آخر: * وراء كل كاتب ساخر، قارئ أكثر سخرية. * عُراةُ الفكر ليستروا عوراتهم، فالكاتب الساخر هو قلمٌ يبكي بِيَدِ فيلسوف.