أكد رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي، خلال لقاء صحافي مساء أمس الأول، أن جميع المفاوضات والمحاولات الجادة، التي قامت بها الحكومة التونسية بقيادة حركة النهضة الإسلامية مع جميع الأحزاب المعارضة والأطراف السياسية الفاعلة في المشهد السياسي، قد باءت بالفشل، وأنهم لم يتوصلوا إلى تعديل وزاري في تشكيلة الحكومة يرضي الجميع. وقال الجبالي، إنه سيقدم التشكيلة الحكومية خلال الأسبوع المقبل، وذلك لحساسية المرحلة وصعوبتها، وأن الوضع في البلاد لم يعد يحتمل أي تجاذبات سياسية، وأن هذا التعديل من أجل تحقيق أهداف الثورة في التنمية والأمن والعدالة الاجتماعية. كما أبدى الجبالي تفاؤلا، برغم صعوبة المرحلة، المُتَّسمة بتنامي مظاهر الاستقطاب السياسي والإيديولوجي، وتواصل «الهشاشة الأمنية»، وهي عوامل أشار الجبالي إلى أنها «لا تسمح بإجراء انتخابات». وفي هذا الموضوع شدد الجبالي، على ضرورة الجلوس لطاولة الحوار، وتفعيله خلال هذه المرحلة التاريخية للثورة التونسية، والاتفاق على خارطة طريق تضم جميع الأطراف، وتغليب المصلحة الوطنية من أجل «تاريخ الانتخابات» وهو مطلب وصفه ب»الشعبي» مضيفا في نفس السياق أنه «من المصلحة العامة تقصير الفترة الانتقالية، وإجراء الانتخابات الصيف المقبل، وهو أمر ممكن». هذا وجدد الجبالي، دعوته إلى حضور مراقبين دوليين لمراقبة الانتخابات المقبلة، قائلا «إن رفض الأمر ليس له علاقة بالسيادة الوطنية، كما يدعي البعض، نظرا لأنه توجد إرادة للتشكيك في نزاهة الانتخابات، وفي القانون الانتخابي والهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهيئات الإعلام والقضاء حسب قوله». وفي سياق متصل، وفي تصريح ل «الشرق» عبّر شكري بلعيد، القيادي في الجبهة الشعبية، عن تعاطفه مع رئيس الحكومة حمادي وقال: «ربي يفك أسرك يا حمادي الجبالي، من قبضة راشد الغنوشي»، وذلك خلال حضوره انطلاق أشغال المؤتمر التأسيسي الأول لمنظمة النساء الوطنيات الديمقراطيات. وأضاف شكري بلعيد، أن التعديل الوزاري مجرد «مناورة ومسرحية من حركة النهضة لربح الوقت». وقال إن الجبالي»رهينة وليس سيد قراره». وعلّق بلعيد، على كلمة الجبالي أمس الأول، حول التعديل الوزاري قائلا: «ظهر الجبالي كأنه رئيس لحزب معارض، وليس رئيسا للحكومة والرجل الأول في الدولة». يذكر أن أحزاب المعارضة الرئيسية كانت رفضت عرض الجبالي، للدخول إلى الحكومة، واشترطت في المقابل «تحييد وزارات السيادة وهي الداخلية والعدل والخارجية، ووضع برنامج وتواريخ للمواعيد والاستحقاقات السياسية القادمة، خاصة الانتخابات». كما تُعيب أحزاب المعارضة على حزب النهضة الحاكم ما تسّميه «محاولة هيمنته على دواليب الدولة، والسعي الى أسلمتها»، وهو ما ترفضه قيادات النهضة، التي تتهم معارضيها «بمحاولة إفشال الحكومة». وتقول إنها، أي النهضة: «غير جادة في توسيع التحالف الحكومي، وأنها تريد شركاء (ديكور) لا شركاء حقيقيين ومؤثرين». وفي نفس السياق يرى بعض المحللين «أن النهضة تعيش عزلة سياسية، وتراجعا كبيرا في شعبيتها، بسبب فشل أدائها في الحكم». وعلى الرغم من الفشل في الوصول إلى إدخال تعديل حكومي، ما يرشح البلاد للدخول في أزمة سياسية، فإن رئيس الحكومة اختار التحدث، معبرا بذلك عن قراره «بمصارحة الشعب التونسي»، وشدد على أنه «سيقوم بدوره، وسيقدم حكومته الجديدة للمجلس التأسيسي، لنيل الثقة»، مشيرا إلى أن «مصلحة البلاد لا تحتمل مزيدا من التأخير».