حكاية كلمة: ثلاثون حكاية يومية طوال شهر رمضان المبارك كلمة – الجَبَنَة    "البيئة": تسجيل هطول أمطار في (6) مناطق ومكة المكرمة الأعلى كميةً    مدير عام تعليم المدينة المنورة يتفقد أعمال المركز الرمضاني والكشافة    من الصحابة.. أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها    المبادرة السعودية تنجح في إنهاء الخلافات السورية اللبنانية    كسوف جزئي للشمس غير مشاهد بالمملكة غدًا    محافظ صبيا يعزي رئيس مركز العالية في وفاة والده    رئيس المجلس العسكري في ميانمار يطلب مساعدات بعد الزلزال المدمر    ولي العهد يبحث مع البرهان أوضاع السودان    الدولار يهبط وسط ترقب للرسوم الجمركية الأمريكية    أبرز العادات الرمضانية في بعض الدول العربية والإسلامية.. دولة الصومال    برشلونة يفقد جهود أولمو 3 أسابيع    محافظ الدوادمي يرعى مبادرة السعودية الخضراء    الإصابة تضرب أولمو في برشلونة    رئيس مجلس السيادة السوداني يصل إلى جدة    نائب أمير منطقة الرياض يؤدي صلاة الميت على الدكتور مطلب النفيسة    السعودية تؤكد دعمها لكل ما يحقق أمن واستقرار سوريا ولبنان    بطولة المملكة لكرة القدم للصالات للصم تقام بالقطيف منتصف أبريل    تطوير خدمتي إصدار وتجديد تراخيص المحاماة    "سوليوود" يُطلق استفتاءً لاختيار "الأفضل" في موسم دراما رمضان 2025    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد الرميلة على الطراز النجدي    "تصفيات كأس أمم آسيا للسيدات 2026".. باكورة مشاركات "أخضر السيدات" الرسمية    في "بسطة خير السعودية".. الذكريات محفوظة بين غلافي "ألبوم صور"    البكيرية تستعد للاحتفال بعيد الفطر المبارك    إمام المسجد النبوي: رمضان يرحل وزكاة الفطر تكمل فضل الطاعات    أمانة وبلديات القصيم تستعد للاحتفال بعيد الفطر المبارك    ديوكوفيتش يتأهل لنصف نهائي ميامي المفتوحة    وفاة الدكتور مطلب بن عبدالله النفيسة    هل تسير كندا والمكسيك نحو التحرر من الهيمنة الأمريكية؟    "الزكاة والضريبة" تُنفّذ أكثر من 12 ألف زيارة تفتيشية خلال شهر    كواكب أبوعريش.. ملكي جازان    أمير الباحة يتابع الحالة المطرية ويوجّه بتكثيف جهود الجهات المعنية    جروندبرج: تحقيق السلام باليمن ضرورة ملحة لاستقرار المنطقة    إعادة النبض لمعتكف بالمسجد النبوي تعرض لنوبة قلبية    تنفيذ إخلاء طبي جوي من المسجد الحرام عبر مهبط الإسعاف الجوي الجديد    أمران ملكيان: خالد بن بندر مستشارًا في الخارجية والحربي رئيسًا للجهاز العسكري    مختص ل"الرياض": انتظار العطلات سعادة    التطوّع في المسجد النبوي.. تجربة تجمع بين شرف المكان وأجر العمل    جراحة مخ ناجحة تُنقذ معتمرًا مصريًا من إعاقة دائمة    "أوتشا" تحذّر من الآثار المدمرة التي طالت سكان غزة    ألونسو ينفي الشائعات حول مستقبله مع ليفركوزن    تجمع جدة الصحي الثاني ينفذ حملة "صُمْ بصحة" لمواجهة الأمراض المزمنة    أكثر من 70 ألف مستفيد من برامج جمعية الدعوة بأجياد في رمضان    يوم "مبادرة السعودية الخضراء".. إنجازات طموحة ترسم ملامح مستقبل أخضر مستدام    "مستشفيات المانع" تُطلق أكثر من 40 حملة تثقيفيةً صحيةً خلال شهر رمضان المبارك لتوعية المرضى والزوار    المحكمة العليا تدعو إلى تحري رؤية هلال شهر شوال مساء يوم السبت ال29 من شهر رمضان لهذا العام 1446ه    حرائق كوريا الجنوبية ..الأضخم على الإطلاق في تاريخ البلاد    تكثيف الحملات الرقابية على المسالخ وأسواق اللحوم والخضار بحائل استعدادًا لعيد الفطر    محادثات الرياض تعيد الثقة بين الأطراف وتفتح آفاق التعاون الدولي.. السعودية.. قلب مساعي السلام في الأزمة الروسية الأوكرانية    النفط يصعد والذهب يترقب تداعيات الرسوم    سوزان تستكمل مجلدها الثاني «أطياف الحرمين»    تحدٍ يصيب روسياً بفشل كلوي    إطلاق مبادرة "سند الأبطال" لدعم المصابين وذوي الشهداء    مطبخ صحي للوقاية من السرطان    أنامل وطنية تبهر زوار جدة التاريخية    حليب الإبل إرث الأجداد وخيار الصائمين    عهد التمكين والتطور    ذكرى واستذكار الأساليب القيادية الملهمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مكافحة الإرهاب
نشر في الشرق يوم 26 - 01 - 2013

نقلت الصحف العربية خبرَ وضْعِ دراسةٍ استراتيجية سعودية لمكافحة الإرهاب، قد تكون قُدّمت لاجتماع وزراء الإعلام العرب الذي عقد في القاهرة قبل أسبوعين. ورغم الحاجة الماسة لمثل هذه الدراسة وخطواتها العملية لتوفير الأمن في المجتمعات العربية، فإن المفاهيم في المخيال العربي -حول الإرهاب- مازالت مشوّشة. ذلك أن الأيديولوجيا هي التي تحدد مفهوم الإرهاب. وبذلك تتعدد الأشكال والتفسيرات، لدرجة تقابل الأضداد، أي يمكن نعت العملية الإرهابية بأنها «جهادية»! وأن استخدام العنف يمكن تبريره بأنه دفاع عن حقوق مُغتصبة، وهنا نحن لا نعني مقاومة الاحتلال لاستعادة الحقوق المغتصبة للشعوب، ومنها الشعب الفلسطيني.
ومع الأسف فقد اقترن الإرهاب بالدين، والإسلامي بالذات، نظراً لبروز حالات «جهادية»، وحث الشباب على المساهمة في تلك الحالات -حتى داخل مجتمعاتهم- تحت دعاوى «الجهاد». وهذه إشكالية كبرى عمّقت الفجوة بين مفهوم الإسلام وسماحته ودعوته الصالحة لإيجاد المجتمع الآمن السليم، وبين مفهوم الجهاد في سبيل الله حسبما ورد في القرآن والسنة.
كما أسهم تبني الجماعات الجهادية ومنها «القاعدة» لأعمال عنف ضد الآمنين، في تعميق ربط الإرهاب بالإسلام، وتصوير المسلمين بأنهم «متعطشون» للدماء، ولا يفرقون بين ساحات الحرب وساحات الآمنين. كما أسهم تمويل البعض تلك الجماعات في تعميق تلك النظرة.
وجاء الإعلام ليصب الزيت على النار في هذه المسألة! فبرزت الأيديولوجيا بشكل أوضح في الطوائف الإسلامية، ووصلت حدة الحوار إلى الشاشات التليفزيونية التي قام بعضها بتحقير الخلفاء ووصفهم بكلمات غير لائقة.
وضاع الشباب الغض في هذه الفوضى، وظهر جيل متعصب يؤمن بما يسمعه ممن حوله، ولا يُسمح له بسماع حديث الآخر، بل وإنكار حق الآخر في الحياة! خصوصاً بعد امتلاء المؤسسات التعليمية بشخصيات ذات فكر أوحد، وتوجيه المناهج نحو أفكار محددة هي نتاج أجندات لأحزاب لا تستبعد العنف من أجل تحقيق أهدافها.
وكانت حالات التعصب الديني قد ظهرت بشكل واضح خلال عهد جمال عبدالناصر، وموقفه من جماعة «الإخوان المسلمين»، الذين يحكمون مصر الآن. كما زادت أيضاً بعد ثورة (الخميني) في إيران، ومحاولة هذه الأخيرة تصدير الثورة إلى خارج حدودها، ودعم جماعات أخرى في بلدان الجوار، ما شكّل صورة قاتمة عن الإسلام، تجلّت في المواقف المؤسفة في العراق على مدى عشر سنوات، بعد سقوط النظام في هذا البلد، ومازال يعاني تبعات تضاد الأيديولوجيات، وسوء تفسير «الجهاد» الذي يحمل وجهاً آخر هو الإرهاب. كما تجلت الصورة في قضايا العنف في اليمن -والتفجيرات الأخيرة فيها خير دليل- وكذلك في بعض دول الخليج العربي وسوريا. واختلطت الصور بعد الربيع العربي، حيث تم تصوير إسقاط النظام -الذي طالبت به شعوب تونس وليبيا ومصر واليمن- على أنه نوع من «الإرهاب»، وهو في واقع الأمر ليس كذلك.
كما تم وصف أي مطالبة بالإصلاح -في أي بقعة عربية- بأنها حالة إرهابية، تزعزع الأمن وتقوّض منجزات الدول وتحرّض على «قلب» نظام الحكم، حتى وإن جاءت من شخوص تضع صور الحكام داخل قلوبها ولا ترضى عنهم بديلاً!
وعلى الصعيد الإعلامي زادت حدة التفسيرات -بعد موجات الربيع العربي- وتم تصنيف الآراء المُطالبة بالإصلاح أو تعديل المسارات بأنها حالات انفصالية وعدائية وتأتمر بأوامر خارجية لإحداث شروخ في المجتمع، وتأليب الرأي العام ضد النظام. كما نشط الإعلامي الرسمي -قبل سقوط الأنظمة الديكتاتورية في العالم العربي- في وصف المتظاهرين بأقذع الصفات -كما جاء على لسان معمر القذافي وبشار الأسد وأبواق الإعلام في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن- وتم لعنهم واتهامهم بأنهم يعملون ضد بلدانهم، وبأنهم يتعاملون مع أجندات أجنبية لا تخدم أوطانهم. وفي خطاب الرئيس السوري الأخير خير دليل على ذلك. وفي هذه الحالة برز التناقض بين مفهوم (الحالة الجهادية) و(الحالة الإرهابية)، ولم يتم التحقق من الحالتين إلا بعد سقوط الأنظمة وزوال الحكام الديكتاتوريين.
لذلك نقول: نحن بحاجة لضبط المصطلح أولاً، ومن ثم اللجوء للخطوات العملية للتصدي للإرهاب الفكري والفيزيائي على السواء! لأن الإعلام المضاد هو أيضاً له منطلقاته وتطلعاته وأساليبه لتفنيد مواقف الطرف الآخر وتخطئته. وإذا كنا على مدى ثلاثين عاماً ومنذ حرب أفغانستان والشيشان و»غزوة» نيويورك -كما عبّر عنها الإسلامي ابن لادن- قد شهدنا «حشو» عقول الشباب -عبر الوسائل المختلفة- عن مسوغ «الجهاد» ومحاربة «الكفار»، وتقديم الأموال والمكافآت والوعود المجزية من «حور العين» لقاء تفجيرهم أنفسهم بين أهليهم في الوطن الواحد أو بين الآمنين الذين لا دخل لهم في السياسة، فإننا بحاجة إلى جيل أو جيلين من الدعوة الصادقة لإعادة المصطلح إلى معناه الحقيقي، كي يفصل الشباب بين الجهاد والإرهاب.
كنا في الثمانينيات نتحاور حول مفهوم «الغزو الفكري»، وعانت المايكروفونات من الصراخ بأن كل ما تنتجه الآلة الإعلامية الغربية موجّهٌ ضد العرب والمسلمين، وتم تصوير (نعمة حرية التعبير في الغرب) على أنها ضد الإسلام والمسلمين، وجاءت حقبة أخرى شدّد فيها قادة الرأي على رفض الآخر، بل وتكفيره والدعوة عليه في المنابر. ثم جاءت حقبة «صحوة» أو «عودة الوعي» باحتضان مؤتمرات حوارات الأديان بكل أشكالها وانتماءاتها، وندوات الترحيب بالآخر، ومحاولة فهم البعد الإنساني في حياة مختلف الشعوب.
إن الإرهاب عمل مرفوض أخلاقياً وإنسانياً، وهو اعتداء على النفس التي حرّم الله، دون مبرر، ولكن تجب علينا دراسة الأسباب والدوافع -بكل شفافية- للحالات التي يواجهها العالم العربي والإسلامي، الذي ما إن تهدأ فيه أوضاع بلد حتى تندلع حوادث جديدة تطول الزرع والضرع. ويتطلب الأمر وضع الحلول الكفيلة بوقف الظاهرة وعدم اتساعها، وهذا ما نأمله من الدراسة المذكورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.