مكة المكرمة – نعيم تميم الحكيم سمعتنا الدولية تلطَّخَت بهوس إلغاء عقود المدربين الأندية تعاني ضعف الأنظمة الانضباطية وقلة اهتمامها بالنشء لم أتعاقد لوحدي مع الهولندي.. وإقالته ليست حلاً المشكلة الكبرى في إدارات الأندية واستراتيجية تعاملها مع اللاعبين الإعلام الرياضي يتعصب للأندية وينال من معنويات اللاعبين بطريقة مؤسفة منتخباتنا السنِّية والأولمبية ستكون نواة ل «الأخضر» في مونديالَي 2018 و2022 أرجع مدير إدارة شؤون المنتخبات السعودية السابق والأمين العام للجنة الأولمبية السعودية محمد المسحل إخفاق المنتخب السعودي في خليجي 21، وخروجه من الدور الأول، إلى الفكر الذي تدار به الأندية الرياضية، وتغليبها الجوانب العاطفية في اتخاذ قراراتها، مبينا أن إقالة المدرب الهولندي ريكارد ليست هي الحل. وكشف المسحل في حواره مع «الشرق» أن إدارات الأندية تحاول التأثير على اللاعبين الذين يتم اختيارهم للمنتخب الأول والأولمبي، وتجبرهم على التظاهر بتصنع الإصابة، أو عدم التفاعل في التمارين والمباريات، لتفادي الإصابة التي قد «تفقده عقده» وبالتالي عقله. وتبرأ المسحل من تهمة التفرد بالتعاقد مع ريكارد، مشيرا إلى أن اختياره تم بواسطة لجنة فنية، وهي مَن قيَّمَتْه قبل التعاقد معه، رافضا تحميل ريكارد مسؤولية الإخفاق كاملة في بطولة الخليج، وقال: إنه جاء فوجد جيلا غالبية عناصره يعانون نفسيا ومعنويا من تأثيرات إخفاقات سابقة أو من نقص فني وبدني. وانتقد المسحل الإعلام الرياضي، مبينا أنه وفي الآونة الأخيرة بدأ يتعصب للأندية الرياضية والأشخاص على حساب المصلحة الوطنية. وأبدى انزعاجه من عملية إلغاء عقود المدربين لمجرد هزيمة أو إخفاق، وقال: سمعتنا الدولية تلطخت بهوس إلغاء عقود المدربين، وقد تسبب هذا الأمر في صعوبة إيجاد مدرب للمنتخب في فترات سابقة، ورأى أن الحل يكمن في الصبر على منتخبات الفئات السنية وتعديل طريقة تعامل الأندية مع اللاعبين الصغار. بداية كيف تُقيِّم مشاركة المنتخب في كأس الخليج في البحرين؟ - على الرغم من أنني تركت عملي في إدارة المنتخبات منذ أكثر من شهر، إلا أنني بالفعل تأثرت مثل أي مواطن محب لمنتخب وطنه لما حدث في البحرين من إخفاق، والآن زاد تأثري، عندما تابعت ردود الفعل العاطفية والمتشنجة التي تصدر من بعض الجماهير المشحونة ومن بعض الشخصيات المؤثرة في الشارع الرياضي، ليس بسبب رأيهم في الأجهزة الفنية والإدارية واللاعبين، وليس لاعتقادهم بأهمية كأس الخليج لسمعة الكرة السعودية، فهذه آراء نسبية تختلف من شخص لآخر، ولكن بسبب السخط العام المبني على الفهم المغلوط لعمل المنظومة الرياضية في البلد، الذي يحتاج لكثير من الإيضاح والتصحيح، حيث إنني كنت أعتقد أن هؤلاء من القلة التي كانت تعي ما يدور ويحدث، ولديها الجرأة للصدح بالحقيقة التي أصبحت واضحة للجميع منذ 2006 بل وحتى قبل ذلك، بدلا من الانجراف مع التيار العاطفي أو الممنهج بطيب نية بدون شك. الجميع اتفق على أن المدرب فرانك ريكارد يتحمل مسؤولية هذا الإخفاق؟ - ريكارد يا عزيزي جاء كمن سبقوه كمدرب لمنتخب أول، وجيل جاهز من اللاعبين المحترفين وليس الهواة أو الناشئين، وهو بالتالي جيل من مخرجات بيئتك الكروية، وعندما أدرك أن غالبية عناصره يعانون نفسيا ومعنويا من تأثيرات إخفاقات سابقة، أو من نقص فني وبدني، حاول أن يطعم المنتخب «الذي لم يوفق من قبل مع بيسيرو وناصر الجوهر»، بنجوم شباب، وهو أمر بالطبع يتطلب تركيزا وتدرجا ووقتا كافيا لتطبيقه، لكن المشكلة أننا نعيش في بيئة عاطفية تنظر للعمل من عين الإعلام الرياضي الذي وإن كان يعمل لصالح الحركة الرياضية والشبابية من ناحية المبدأ، إلا أننا لا ننكر أنه بدأ يغلب عليه التعصب للأندية والأشخاص أكثر بكثير من التوحد من أجل المصلحة العامة، وهو ما جعلها تتحكم بالرأي العام كيفما شاءت، بل وتنال في كثير من الأحيان من معنويات اللاعبين قبيل مشاركاتهم مع منتخباتهم الوطنية بطريقة غريبة ومؤسفة. إذاً أين المشكلة؟ - أخي الحبيب، أنت رجل تعترف بالبحوث والتحقيقات المبنية على المنطق العلمي، وأتوقع من خلال فكرك النيّر البعيد عن التشنج، أن تبحث عن الحقيقة بعيدا عن العاطفة الجياشة التي تهيج بعد أي خسارة أو حتى مع أي إنجاز، لتعي أن تعاون الأندية «وخصوصا الأندية التي يتم استقطاب أغلب لاعبي المنتخبات منها»، لم يكن مشجعا على الإطلاق، لا في وقت ريكارد ولا في وقت مَن سبقوه، بل وكانت هناك محاولات كثيرة مباشرة وغير مباشرة للتأثير على اللاعبين الذين يتم ضمهم للمنتخب الأول والأولمبي على الأقل، إما بالطلب من اللاعب، والضغط عليه للتظاهر بالإصابة أو بعدم التفاعل مع المنتخب في التمارين والمباريات لتفادي الإصابة التي قد «تفقده عقده» وبالتالي عقله!! وكنت وفريق عملي دائما ما نتصدى وبقوة لكل هذه الأمور، بالتشجيع والمكافآت والنصائح وبالإصرار على استقطاب اللاعب الذي نحتاجه، مما أجج علينا ترسانات إعلام جميع هذه الأندية، وهذا أمر مثبت في الصفحات الرياضية وتسجيلات البرامج التليفزيونية. هذا يعني أنكم كإدارة منتخبات أضعف من الأندية؟ - نحن نجحنا في إبقاء اللاعبين مع منتخب الوطن، لكن يظل تأثير التجاذبات بيننا وبين النادي واضحة على اللاعب وروحه في الملعب مع الأسف، ناهيك عن ضعف الأنظمة الانضباطية في كثير من الأندية وقلة اهتمامها بالنشء من جميع النواحي، وعندما نقوم نحن بواجبنا تجاه المنتخبات السنية والبراعم، نهاجَم على أن هذا دور الأندية وليس المنتخبات! وكأن الأندية أصلا تقوم بدورها أو أنها تطالب بالقيام به! ونحمد الله أن منتخباتنا السنية والأولمبية سيطرت على جميع البطولات الخليجية والعربية، وهي المنتخبات التي عملنا عليها لتشكل منتخبنا الأول لكأس العالم 2018 و2022م! بل وخرّجت لاعبين يلعبون الآن في فرقهم الأولى وفي المنتخب الأول. أين أثر عملكم على المنتخب الأول؟ - هناك من يريد منا عمل المعجزات لخلق منتخب أول بطل، ونحن لانزال نبني هذا المنتخب بشكل تدريجي، هناك مشكلات داخلية في المنظومة، ولكن المشكلة الكبرى يا أخي الحبيب هي في إدارات الأندية وفكر الأندية، فيما يخص استراتيجية تعاملها مع اللاعب منذ صغره في النادي، وعند ضمه لمنتخبات وطنه! وما الحل إذاً من وجهة نظركم للخروج من هذه الإخفاقات المتكررة؟ - الحل في المشروع القومي المتكامل، بحيث يشترك فيه البيت والمدرسة والنادي والجامعة والمؤسسة الرياضية! بدأه الأوروبيون منذ 25 و30 عاماً، ونفذته اليابان وأستراليا منذ 18 عاماً وعشرة أعوام على التوالي، والإمارات منذ ثمانية أعوام بهدوء ورصانة، وكلهم خرجوا بمنتخبات ناجحة ورصينة، وبدأناه نحن منذ عام ونصف العام فقط! ولم تُترك لنا حتى الفرصة للعمل بهدوء ومع الأسف لن تُترك لغيرنا، طالما يوجد مثل هذا الانفلات الإعلامي الممنهج في كثير من الأحيان، ولذلك ترى أنه على الرغم من أن الدوري عندنا يُرى على أنه دوري قوي (بسبب لاعبيه الأجانب) إلا أن منتخبنا لا يوجد به خط هجوم يمكنه التسجيل بسهولة أو خط دفاع يمكنه الصمود حتى أمام منتخبات أقل خبرة، وهي المراكز التي سيطر عليها اللاعب الأجنبي في أغلب الأندية منذ حوالي العقدين مع الأسف، ناهيك عن أن اهتمام الأندية باللاعب من المنظور الاحترافي يبدأ متأخراً جداً. هل تؤيد مطالبات الجماهير بإقالة ريكارد كجزء من الحل؟ - أعتقد أن من يطالبون دائما بالتضحية برأس المدرب ككبش فداء لأي إخفاق، الذي يُبنى دائما على ما لا يحيطون به علما، قد يحدث كالعادة، والمدرب سيقال مثله مثل بيسيرو والجوهر وكالديرون وأنجوس وفينجادا وليوبنهاكر وماتشالا و…، و…، و… ليظل المدرب في المملكة لا يكمل العامين، منذ عقود، ومازلنا نتبع عواطفنا بانتهاج الحل الأوحد بعد أي خسارة (بإنهاء عقود المدربين) ونترك الأسباب الرئيسة لهذه الإخفاقات. يتهمك الجميع بأنك خلف التعاقد مع المدرب فرانك ريكارد؟ - هذا كلام غير صحيح هناك لجنة فنية قيَّمت عمل المدرب وسيرته التدريبية قبل التعاقد معه، فالقرار ليس شخصيا وإنما جاء بناء على تقارير فنية، حتى أن قيمة عقد المدرب لم تدخل في ميزانية الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ولنثبت للجميع أن مشكلتنا ليست في المدربين، أتينا بمدرب عالمي، نال اختياره على تأييد الشريحة الكبرى من النقاد والمحللين والمتابعين! ومع ذلك، عدنا مرة أخرى للمربع الأول، التضحية بالمدرب لأننا مازلنا نتعامل بالعاطفة، ومازلنا لا نريد تصديق الحقيقة بأن مشكلتنا في منظومة العمل، ولذلك، فإن سمعتنا الدولية تلطخت، بهوس إلغاء عقود المدربين، التي سببت لنا صعوبات في إيجاد مدرب للمنتخب، وستزداد الصعوبة بعد رحيل ريكارد، نحن الذين قلنا في غير مرة إنه باقٍ حتى نهاية عقده، نخالف الآن ما قلناه، ونقول بشكل غير مباشر إنه مدرب سيئ وإنّ عناصرنا جيدة! أو إننا عاطفيون باتخاذ القرارات. وكلاهما أمر مؤسف. تواترت أحاديث عن وجود تدخل في تشكيلة المنتخب بفرض أسماء من أندية معينة، ووجود مجاملات بتفضيل لاعبين احتياطيين في أنديتهم على حساب نجوم برزوا أثناء الدوري؟ - أقسم بالله إنه وخلال عملي في إدارة المنتخبات منذ 27 أبريل 2011 وحتى 12 ديسمبر 2012، لم يحدث أي مما ذكرت في المنتخب، ولا أعلم عمّا قبل ذلك وبعده. وكان الأجدر أن يُرتقى بطريقة الطرح عن السقوط بذمم الآخرين بهذه الطريقة المتشنجة، وأن يُبحث عن الحقيقة بعيدا عن العاطفة الجياشة في حب طرف وكره آخر. نعم، التعاون مع المنتخبات من الأندية الكبرى، لم يكن مشجعا على الإطلاق، وكانت هناك محاولات غير مباشرة للتأثير على اللاعبين، ولكن كنت أتصدى وبقوة لكل هذه الأمور، فأصبحت عرضة للهجوم من إعلام هذه الأندية. المشكلة يا أستاذ يا موقر هي في إدارات الأندية وفكر الأندية، وليس بالتدخل والسيطرة التي تتحدث عنها أنت، بل في استراتيجية تعاملها مع اللاعب منذ صغره في النادي، وعند ضمه لمنتخبات وطنه! وعلى ماذا تعولون للخروج من نفق الإخفاقات المتكرر؟ - الحل في منتخباتنا السنية، فهي بدأت تعمل بشكل صحي ومثمر، وكل أملي بكم ألا يتم حرق الأخضر، بحجة وجود اليابس. كلمة أخيرة لمن توجهها؟ - اسأل الله صلاح الحال، وأسأله تعالى أن يعفو عن كل من نال منّي بإساءة أو شتيمة، وأنا قد تحدثت مع صحيفتكم «الشرق» ومع شخصكم الكريم تقديرا منّي لمواقفك الواضحة والمشرفة ولطرحك الحيادي والموضوعي دائما، ورغبتي بالتعبير لك ولعدد محدود من الزملاء الأعزاء أمثالك عن ردة فعلي ورأيي الشخصي لما حدث للمنتخب في البحرين وقبل البحرين، ونظرتي العامة للكرة السعودية خلال العشرين شهراً التي عملت بها رئيساً لإدارة شؤون المنتخبات وحتى آخر عهد لي فيها قبل شهر من الآن ونظرتي العامة للمستقبل. جانب من مباراة الأخضر والكويت