دعا علماء ومثقفون ومفكرون إلى ضرورة تشكيل لجنة مكونة من هيئة كبار العلماء وفقهاء ومفكرين، لدراسة إدخال المذاهب الأربعة في مناهج التعليم، في وقت أكدوا فيه ضرورة التوسع في تعيين الخطباء من المذاهب المختلفة، وعدم قصرها على مذهب واحد. د. علي الحكمي واعتبر عضو هيئة كبار العلماء، عضو المجلس الأعلى للقضاء، الدكتور علي الحكمي، أن التعدد المذهبي ليس له علاقة بمنابر الجمعة، كونها تعالج قضايا عامة حياتية، ولا تتضمن أحكاماً، ولا تدخل في إطار القضايا المختلف عليها فقهياً. وأضاف «ينبغي للخطيب، أياً كان مذهبه، أن يعالج قضايا الناس بما يظهر له من الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، والأفضل أن لا يتطرق لمسائل خلافية، لئلا يثير البلبلة». وعد الحكمي التنوع المذهبي أمراً طبيعياً وموجوداً في منابر المساجد، مشترطاً عدم إثارة المذهبية على المنبر، بل توجيه الناس نحو الأمور العامة والمشتركة، مؤكداً أنه لا يشترط في الخطيب أن يكون من مذهب محدد، بل هناك شروط أهم، وهي التسلح بالعلم الشرعي الصحيح، وامتلاك أدوات الخطابة والتأثير، مضيفاً «ينبغي أن يركز الخطيب على المواعظ العامة التي تجمع ولا تفرق». تنوعٌ مألوف ووصف الحكمي التنوع المذهبي على المنابر بالأمر المألوف لدينا، والموجود في تاريخنا الإسلامي، سواء في المدينةالمنورة، أو في حواضر العالم الإسلامي. وأكد أنه مهما بلغ الخلاف بين الفقهاء، على اختلاف مذاهبهم، فلم يكن هناك تمايز يصل بينهم للتعصب للرأي، بل إن بينهم من الألفة والمحبة، والاعتراف بالحق للآخر، حتى وصل الأمر للمسائل التعبدية، وحينما يكون هنالك خلاف في الفروع فإنهم كانوا يُصَلُّون خلف بعضهم بعضاً رغم الاختلاف في الرأي والمذهب، وهو منهج السلف الصالح الذي ساروا عليه حتى لا يثيروا الناس، ويصدروا الخلاف للعامة. وأبان أن الخطيب، أو الفقيه، يجوز أن يبين رأيه للسائل وفق المذهب الذي يراه حقاً، أما على المنبر فيجب أن لا يتعصب لرأيه، أو لمذهبه، منبهاً الخطباء إلى عدم التركيز في خطبهم على مسائل خلافية تربي بينهم العداوات والبغضاء. لجنة بحثية عبدالعزيز قاسم ورأى الإعلامي عبدالعزيز قاسم أن طرح هذا الموضوع «حساس جداً»، خصوصاً أن منهج الدولة سبق وأكد عليه ولاة الأمر، «وهو ما صرح به الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله-، ومن قبله الملك المؤسس، على أن الدولة قامت على المنهج السلفي، وهو امتداد لمبايعة الإمامين محمد بن سعود، ومحمد بن عبدالوهاب -رحمها الله-». وقال «نعيش في مرحلة جديدة من مراحل الدولة السعودية تتميز بالانفتاح على الآخر، خصوصاً بعد مبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، التي تمخضت عن تأسيس مركز الملك عبدالله للحوار بين أتباع الأديان». وأوضح أن طرح هذا الموضوع حالياً حق مشروع، لكن لابد من تشكيل لجنة تتكون من أعضاء من هيئة كبار العلماء ومثقفين ومفكرين يختارهم ولي الأمر ليدرسوا الموضوع بشكل متكامل ويخرجوا بتوصيات نهائية تجاهه. وعن إدخال المذاهب في المنابر، قال قاسم «الخطباء ليسوا على مذهب واحد، وإن كان الغالب في خطباء المنابر لدينا اتباع التيار السلفي الذي تسير عليه الدولة، ولكن يوجد من باقي الفئات، لكن نظراً لقلتهم لم يظهروا بالشكل الكامل». ولفت قاسم إلى أنه لا مانع من تنويع المذاهب في اختيار الخطباء على غرار ما هو معمول به في هيئة كبار العلماء، حيث يوجد ممثلون للمذاهب الأربعة، لكن الأمر برمته يحتاج لدراسة معمقة وواعية. ويتفق عضو هيئة التدريس في جامعة أم القرى، الدكتور محمود زيني، مع رأي قاسم بضرورة إيجاد لجنة لدراسة الموضوع، لكنه يرى أن التوسع في إدخال أصحاب المذاهب للمنابر ليس مهماً، خصوصاً أن خطبة الجمعة ليست بحثاً فقهياً، ولكن هي عبارة عن موعظة حياتية يستفيد منها المجتمع. تعويم المناهج عبدالله فدعق ويختلف الباحث الشرعي، وعضو المجلس الأعلى لمركز دراسات مقاصد الشريعة الإسلامية، الدكتور عبدالله فدعق، مع رأيَيْ قاسم وزيني في قضية إدخال المذاهب الأربعة للمناهج، مشدداً على أنه أمر غير مقبول إطلاقاً، لأن في ذلك تعويماً لمناهج التعليم، مشيراً إلى ضرورة أن يدرس الطلاب بالمنهج الذي يكون عليه غالبية أهل البلد والدولة، لكن ذلك لا يمنع من ذكر بعض المسائل التي تفردت فيها المذاهب. وعلل فدعق رفضه لإدخال المذاهب في المناهج، لأن المدارس غير مطالبة بتخريج فقهاء بقدر تخريج طلاب يملكون العلم الشرعي، بعيداً عن التشويش عليهم. وعن التنوع المذهبي في المنابر، قال فدعق «الملاحظ وجود خطباء من مذاهب مختلفة، خصوصاً في المنطقة الشرقية، والأولى أن يكون الخطيب المعين في أي مدينة بناء على غالبية مذهب أهل المدينة». ورد فدعق على القائلين بأن تدريس المذاهب غش للمسلمين، بأن هذه دعوة صريحة لإلغاء الفقه الإسلامي، وهو أمر خطير، وغير مقبول، مشدداً على أن وجود ثمانية مذاهب مصدر إثراء وجمال للشريعة، مؤكداً أن مثل هذه الدعوات تعني إلغاء الفقه الإسلامي. «الشؤون الإسلامية» ل الشرق: لا نشترط مذهباً معيناً في تعيين الخطباء.. وحذرنا من الخلاف د. عزام الشويعر أكدت وزارة الشؤون الإسلامية أنها لا تشترط مذهباً معيناً في تعيين الأئمة والخطباء، مستشهدة بوجود خطباء من مذاهب مختلفة في مساجد المملكة العربية السعودية. وقال رئيس لجنة تقييم الأئمة والخطباء في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض، الدكتور عزام الشويعر «لدينا تنوع مذهبي في خطباء المنابر، لكن الجميع يسير على التعليمات والأطر والضوابط التي وضعتها وزارة الشؤون الإسلامية». وأضاف أن «خطباء المنابر ليسوا على مذهب واحد، فكل شخص له مذهبه، لكن لابد أن يلتزم بعدم الحديث في القضايا الخلافية بين المذاهب، حتى لا يثير الناس»، مشيراً إلى أن الشؤون الإسلامية حذرت الخطباء من مغبة التعصب للرأي الفقهي الواحد. وأكد أنه ليس هناك فروق بين المذاهب في المنابر والخطب، لأنها تتحدث في الإطار العام عن قضايا اجتماعية وحياتية تهم الناس، ولذلك فهي ليست محل إثارة، وتجتمع عليها كل المذاهب دون استثناء. وشدد الشويعر على أن الشؤون الإسلامية تعتبر مذهب الخطيب أمراً شخصياً، لكن الأهم هو التزامه بضوابط ومعايير الشؤون الإسلامية، وأهمها البعد عن إثارة الخلافات بين العلماء، والبعد عن تفسيق وتبديع الآخرين، والبعد عن إجبار الناس على رأي فقهي واحد، لافتاً إلى أن إثارة الخلافات بين المذاهب يفتح باب التفسيق والتبديع للآخر، وهو أمر مرفوض تماماً على منابر المساجد. وحذر الشويعر من تبنِّي الرأي الشاذ على المنبر، وتعميمه على الناس، مشيراً إلى أن خطباء المنابر ملتزمون بالحديث في القضايا العامة، والبعد عن كل ما يثير المجتمع باختلاف مذاهبهم.