أكد ل«عكاظ» عدد من العلماء على أهمية تنظيم المجمع الفقهي في المملكة الذي وافق على إنشائه مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة البارحة الأولى، وأشار العلماء إلى أن وجود هذا المجمع سيسهم إيجابا في إيجاد فتاوى لبعض القضايا المعاصرة التي يكثر الخلاف حولها، مطالبين بضرورة ألا تقتصر عضويته على الفقهاء إذ لابد من إشراك كافة التخصصات، وعدم الاعتماد على أحاديث ضعيفة، وغيره مما يسهم في عمل هذا المجمع. ونوهوا بأن موافقة مجلس الوزراء على تنظيم المجمع الفقهي في المملكة والذي يهدف إلى بيان الأحكام الشرعية في المسائل الفقهية ذات العلاقة بالقضايا المعاصرة من خلال الاجتهاد الجماعي دون التقيد بمذهب معين والذي يتصدى للفتاوى المخالفة لقواعد الاجتهاد، كما يصدر القرارات والفتاوى العامة دون قبول للاستفتاءات الفردية سيسهم في الحد من الاجتهادات الفردية، كما سيتيح إظهار سماحة الشريعة الإسلامية القائمة على الاجتهاد ومراعاة الأحوال وكافة المذاهب وعدم اقتصار الفتوى على مذهب معين. وأكد عضو هيئة كبار العلماء الدكتور عبدالله المطلق أن مؤسسات الاجتهاد عموما والتي من ضمنها هيئة كبار العلماء من الأمور الحسنة، مشيرا إلى أن الرأي الجماعي في المسائل الشرعية في هذا العصر وغيره التي تبتعد عن الرأي الأحادي الفردي يكون أقرب إلى الصواب. وذكر المطلق أن مؤسسات الاجتهاد الجماعي من ميزاتها الاعتماد على الخبرة وأبحاث الخبراء لأن أعضاءها يلتقون بأهل الاختصاص في ورش عمل ويستمعون منهم، قائلا: هذه الميزة لا تتواجد في الاجتهاد الفردي. مبينا أن مؤسسات الاجتهاد الجماعي تهتم بالأبحاث العلمية وتعطي الكوادر العلمية مجالا، كما تمكنهم من الآليات التي تسهم في الوصول إلى الحقائق. فكر نير وطالبت عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتورة سهيلة زين العابدين بعدد من الأمور التي ينبغي أن تراعى في المجمع، أولها أن يمتاز أعضاء المجمع بالفكر النير المرن، كما ينبغي ألا يستندوا على الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة في إصدارهم الأحكام وإن كان بعضها وارد في الصحيحين إلا أن بعض رواتها فيهم ضعف. كما نادت أعضاء المجمع بضرورة التحرر من الأعراف والتقاليد وعدم ربطها بالدين، مطالبة بضرورة الاستناد على المفاهيم الصحيحة والمغزى من الآيات القرآنية مع ضرورة إعادة النظر في بعض الأحاديث. واعتبرت أن فكرة المجمع الفقهي في المملكة إيجابية وتتسم بالمرونة كونها تعتمد على المذاهب دون الاقتصار على مذهب معين أو رأي فردي، كما بينت أن البعض يحرص على الأخذ بالآراء المتشددة وعدم تفحصهم المذاهب والأخذ بالأيسر. وشددت على ضرورة مراعاة حال المرأة عبر هذا المجمع، مبينة أن بعض الأحكام الصادرة في حقها والتي اعتمدت على أحاديث ضعيفة كالحضانة أسهمت سلبا على حياة المرأة والطفل، ذاكرة بضرورة بقاء المرأة في البيت كما ينادي البعض بها لابد من تحريرها. وناشدت بضرورة أن تمثل هذه البادرة التاريخية الإسلام بصورته الخلاقة الذي لا يستند على العادات والتقاليد، وأن يقدم الدين للأبناء والأجيال بصورته الميسرة. خطوة رائدة من جانبه، أكد الفقيه والعالم الإسلامي الدكتور عبدالله فدعق على أهمية الأمر لافتا إلى أن المبادرة خطوة رائدة، مطالبا بضرورة أن يكون المجمع ممثلا للاجتهاد الجماعي والذي يعنى باستحضار كافة التخصصات دون انفراده على رجال الدين، إذ ينبغي استحضار المسائل الاقتصادية والطبية لمعرفة المتغيرات خاصة وأن المسائل الحياتية قد اختلفت. وذكر أن من ميزات هذا المجمع عدم التقيد والاقتصار على مذهب معين أو إلزام الناس بأحد الآراء لما في ذلك من التضييق أحيانا على المسلمين وعدم إنصاف العلماء السابقين ممن لهم اجتهادات رائعة ممن بذل من فكره ووقته. ولفت إلى أن بعض مسائل التيسير كوقت رمي الجمار جاءت بعد الاعتماد على بعض آراء السابقين وليس اجتهادا حاليا، قائلا: هذا المجمع سيتيح الفرصة للاعتراف بمجهودات القدماء، ويتبقى علينا البحث في المسائل المعاصرة مما لم تذكر في الكتب القديمة كالمسائل المعاصرة. حرص المملكة ولفت المشرف على كرسي الأمير سلطان للدرسات الإسلامية المعاصرة الدكتور خالد بن عبدالله القاسم إلى أن شريعتنا عظيمة، لذا فإن إنشاء مجمع فقهي مستقل لخدمتها يهدف إلى بيان أحكامها الشرعية لاسيما القضايا المستجدة. وطالب بضرورة الاستقلالية في اختيار أعضائه إذ يتطلب توسعة الدائرة والاستعانة بكل متخصص في المجالات المختلفة مع إشراك الأقسام الشرعية في الجامعات وكذا المحاكم في ترشيح المتخصصين. ولفت إلى ضرورة أن يغلب على أعضائه الجانب العلمي، مناديا بألا يقتصر المجمع على مجرد إصدار للفتاوى إذ ينبغي أن يكون هيئة علمية تهدف إلى متابعة ذاتية للمستجدات وإثراء الساحة بالمواضيع العلمية الشرعية ومناقشة الآراء الأخرى المطروحة، مع ضرورة أن يراعي مجال التدريب على الاجتهاد والحوار الفقهي الواسع من مذاهب متعددة والاعتماد على الكفاءات. متمنيا أن يؤتي أكله قائلا: هذه المجمعات تنم على حرص المملكة على خدمة الإسلام وقضاياه الفقهية بشتى أنواعها. البعد عن المذهبية المستشار القضائي الخاص والمستشار العلمي للجمعية العالمية للصحة النفسية لدول الخليج والشرق الأوسط الدكتور صالح اللحيدان أكد توقع صدور هذا القرار السامي منذ فترة، مشيرا إلى أن من أهم ميزاته البعد عن التمذهب أو الاجتهادات الفردية، إذ سيخضع للاجتهاد العام. وطالب بضرورة إدخال إضافات غير مسبوقة عليه تعرف بفقه الاجتهادات، كما نادى بضرورة التعمق في اللغة، لأنه من متطلبات العلم المطلق. وبين أهمية أن يحرص المجمع على الاستفتاءات الكلية والتي لا تقبل التأجيل فيخرجها في الوقت المحدد.