فنان السودان الراحل محمد وردي له أغنية تقول بدايتها: أنا والأنغام والعود في إيدي (يدي).. إلا أنني استمعت لفنان ناشئ يغنيها قائلاً: أنا و»الألغام» والعود في إيدي. وتصورت الفنان المسكين وهو يمسك بيده ألغاماً وعوداً ليهوي بهما على رأس السامعين إن سولت لأحد منهم نفسه الأمارة بمغادرة مكان الحفل. ولكن الواضح أن الفنان لا يعرف حقيقة الألغام. ولو كان يدري حقيقة تلك الألغام لرمى عوده وأطلق ساقيه للرياح. لقد أصبحت الألغام المشكلة التي تقلق العالم. حاولت الأممالمتحدة من جانبها أن توضح الأمر للفرق المتحاربة وهي تناشدهم أن يقتلعوا تلك الألغام لأنهم يعرفون أماكنها أو أن يمدوا الأممالمتحدة بخرائط يوضحون فيها حقول الألغام والعمق الذي دفنت فيه. ولم تكن الاستجابة لذلك النداء ناجحة، إذ إن بعض القوات المتصارعة ادعت أن ما عندها من خرائط قد أودعته لدى شخص معين وذلك الشخص قتل في المعارك أو احترقت أوراقه من جراء القصف المكثف الذي تعرضت له ولهذا فهم لا يعرفون أماكن تلك الألغام وتدعي أنها فقدت عدداً كبيراً من جنودها عندما انفجرت فيهم ألغام كانت قد زرعتها المنظمة نفسها قبل أعوام. وإن مشكلات السلام في تلك المناطق المتوترة كثيرة وربما تفوق في بعض الأحيان مشكلات الحرب نفسها ونرجو ألا ينسى الناس هذه الحقيقة وهم في غمرة خلافاتهم وشقاقاتهم ويتركوا صاحبنا يغني هو والألغام والعود في يده!