اضطر الشاب زكي الرشيد (30 عاماً) لترك الدراسة والعمل في مهنة «حمال»، عبر نقله أغراض الزبائن على عربته الصغيرة، في السوق الشعبي بقرية جليجلة في محافظة الأحساء، حيث تحمل مسؤولية نفسه في سن مبكرة، بعد أن أجبرته الظروف على البحث عن مصدر رزق للإنفاق على أمه وأخوته، فقد توفي والدهم منذ سنوات عديدة. مجهود عضلي يحكي الرشيد تفاصيل قصته قائلا «على الرغم من أن هذه المهنة متعبة نوعا ما وتحتاج لمجهود عضلي و حركي لا يتساوى مع عائدها البسيط، الذي عادة ما تحدده المسافة ومقدار الحمولة، إلا أنني استطعت بهذه المهنة البسيطة التي يتراوح دخلها اليومي من 35 إلى 50 ريالا في اليوم، أن أكفل أسرتي وأكفيهم شر الفقر والفاقة، فأنا راض بما قسمه الله، حيث لا يشغل بالي في الحياة سوى تأمين لقمة العيش لأسرتي»، ويوضح زكي بأن المعاناة الوحيدة التي يواجهها بحياته ومهنته هي نظرة الامتهان والسخرية التي تصل لدرجة التحقير أحيانا من بعض الأفراد الذين غالبا ما يكونون من المرفهين، أو المترفعين الذين يعيشون حياة مخملية. ولا يقف الأمر عند حد النظر فقط بل إنهم يتلفظون بألفاظ ساخرة و خشنة قد لا يتلفظون بها مع المتسولين الذين رضوا بالمهانة. لا أخجل من عملي وأقسم الرشيد بأن عمله لا يخجله إطلاقا طالما كان شريفاً و يكسب لقمة عيشه من عرق جبينه، خاصة و أن مهنته وعددا من المهن البسيطة لا يمكن للمجتمع أن يستغني عنها أو يحيا دونها، يقول» من سيساعد الزبائن في حمل مشترياتهم إن تخليت وغيري عن هذا العمل، بل إننا نرى عددا من المحلات و المراكز التجارية الكبيرة خاصة مراكز التموين من يخصص لديه موظفين لهذا الغرض يدفع لهم راتبا مقابله، والغريب بأننا لا نهزأ من صاحب هذه المهنة إذا كان من الوافدين ولكننا قد نمسح بكرامته الأرض إذا كان من أبناء البلد وعجبا لهذا التناقض»، ويشير إلى أنه لا يتعرض للسخرية بسوق قريته الشعبي ولكنه يتعرض لها بالمدينة عندما يضطر للذهاب للعمل بأسواق المبرز والهفوف حيث يضطر للذهاب هناك لأن السوق الشعبي بالقرية لا يفتح سوى يومين بالأسبوع السبت والثلاثاء . روح الألفة و يبين الرشيد أن الأسواق الشعبية هي المكان الوحيد الذي ما زال يحتفظ بروح الألفة والتعاون وعدم الترفع فهي الحضن الدافئ للبسطاء، وكذلك مجتمع القرية بصورة عامة، ويضيف بأن هذه النظرة الدونية لم تكن موجودة بالسابق حيث كان الناس أكثر ألفة وتراحماً، و لكن تغير ظروف الحياة انعكس سلباًعلى النفوس. وأضاف» يكفيني فخراً أني أتكفل بمسؤوليات أخوتي وأمي، ولن أبالي بنظرات الامتهان ممن حولي».