يقدم المواطن الثمانيني علي بن حسن المنديلي الشريف للشباب درسا في الصبر وحب العمل والاعتماد على النفس، ورفض الكسل والدعة، بامتهانه بيع الخردوات من خلال عربة في سوق القوز القديم (25 كلم جنوبي القنفذة)، ولم تمنعه الخمسة والثمانون عاما التي مضت من عمره من مواصلة المهنة التي أحبها منذ أربعة عقود، فتراه يتنقل بخفة ورشاقة من مكان لآخر ويستقبل زبائنه ببشاشة ولطف وود. وعلى الرغم من معاناته من مشاكل صحية بسيطة في السمع إلا أنه يشعرك بحميمية ظاهرة، لطيبته وحبه الخير للجميع، وقناعته التي يعتبرها وقودها لمواصلة المسير. قال الشريف: «لا أعرف كم مضيت في هذه المهنة، لكني أعتقد أني تجاوزت فيها الأربعين عاما، وأتذكر أني زاولت بيع الخردوات قرب المسجد الحرام قبل نحو ربع قرن» لافتا إلى أنه يشتري الخردوات بأنواعها ويبيعها بسعر السوق وهي الأكثر رواجا اليوم. وبين أنهم في السابق كانوا يبيعون الخردوات التي تصنع محليا ولم يعد لها أثر حاليا، ملمحا إلى أن الأرباح المادية في السابق كانت كبيرة لأن الناس كانوا يعتمدون على شراء الكماليات المحلية. وأفاد أن الوضع حاليا اختلف كثيرا عن ذي قبل، لافتا إلى أن المحال الكبرى جعلت سلعهم في مهب الريح، «ما أضر بتجارتهم كثيرا». وأضاف: «وما أسهم في تراجع أرباحنا توجه الأهالي إلى الأسواق وترك السوق الشعبي، موضحا أن العمل الذي يزاوله لم يعد مجديا ماديا، إنما من أجل قضاء الفراغ وتزجية الوقت، والحفاظ على التي أحبها وارتبط بها منذ أكثر من 40 عاما». وتابع:«لهذه التجارة فضل بعد الله علي، فمنها عشت وربيت أبنائي، وأحمد الله الذي أعانني على تربيتهم وتوفير لقمة العيش الحلال لي ولهم من هذه المهنة؛ لذا فأنا سأحافظ عليها ما دمت قادرا وسأظل وفيا لها حتى الممات بغض النظر عن المكاسب المادية في هذه الفترة». لافتا إلى أنه المواطن الوحيد الذي يزاول هذه المهنة في القنفذة حاليا. وأكد أنه في السابق كانت هناك العديد من العربات المعروفة التي يشتغل عليها السعوديون من أقرانه، ملمحا إلى أن بعضهم توفي وآخرون فضلوا الراحة، ما أفسح المجال للعمالة الوافدة لتسلم السوق. وأوضح أنه يقطع يوميا ستة كيلومترات ذهابا وإيابا سير على الأقدام من قريته المنادل إلى السوق الشعبي، لافتا إلى أنه يدفع عربته يوميا من بعد صلاة الفجر من منزله إلى السوق ولا يعود إلا مع صلاة الظهر، ليتناول وجبة الغداء مع زوجته المسنة أيام الفطر، ويعود ليؤدي صلاة العصر في المسجد المجاور للسوق ثم يذهب لاستقبال الزبائن حتى بعد صلاة العشاء بساعة تقريبا ثم يعود ميمما نحو قريته راضيا بما قسمه الله له من الرزق مطمئنا بما يؤديه من عمل.