فكّرت في تأليف كتاب، أو بالأصح مجلد، حول الأسس والطرق التي تمكن المواطن السعودي البسيط صاحب الحاجة من الالتقاء بأحد أصحاب المعالي وزرائنا الكرام، ولكن في الحقيقة توصلت إلى استنتاج أن جميع الطرق التي كنت أنوي تدوينها هي افتراضية مصيرها الفشل على أبواب سكرتير معاليه وليس مدير المكتب الموقر، الذي يتحول خلال ثوانٍ من طلبك منه الالتقاء بالوزير إلى محقق في مواجهة متهم، بسيل من الأسئلة المختلفة المتلاحقة لك، بحيث يتوقف المخ عن الاستيعاب لتلاصق الأسئلة وكثرتها، التي تبيّن احترافية عالية قد تفوق العاملين في الأجهزة الأمنية المختلفة، لذلك أقترح على سمو وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، التعاقد مع مكاتب معالي الوزراء، كي يقوم العاملون فيها بعمل دورات إضافية في تقنيات التحقيق لمنسوبي الشرطة والمباحث لتطوير مستوياتهم. خلال كتابتي هذه السطور تذكرت قصة قديمة رواها لي أحد الأساتذة في إحدى الجامعات، وهو من العاملين في إحدى الوزارات، يقول: واجهت مشكلة في العمل وتطلب الموضوع استثناء من الوزير بشخصه، وكنت أتردد على مكتب الوزير ما بين ثلاثة إلى أربعة أيام في الأسبوع، وأواجَه باختلاق الأعذار تارة، والاعتذار تارة أخرى، وبالتحقيق مرات ومرات، وبعد شهرين من المراجعات والاستجداء سمح لي بمقابلة معاليه لمدة ربع ساعة، اختصرها إلى سبع دقائق، أرشدني بعدها إلى باب مكتبه لأن الدوام الرسمي انتهى. بعض تصرفات أصحاب المعالي الوزراء يصعب على العقل البشري تفسيرها، وقد تحتاج لخبراء في علم النفس لتحليلها، ومنها لقاء معالي وزير العمل عادل فقيه، بمجموعة ممن وصفوا أنفسهم ب(علماء وطلبة علم) مرتين خلال أسبوع واحد من دون موعد أو ترتيب، وإنما بطريقة فوضوية قاموا بالتجمع بالعشرات، ودخلوا للوزارة بأسلوب فوضوي، وطالبوا فوراً بمقابلة الوزير الذي انصاع لهم مرتين، وجُل همهم هو قطع أرزاق آلاف السيدات العاملات في المحال النسائية، والغريب في الأمر أن الوزير قبلها بأسابيع رفض مقابلة الآلاف من رجال الأعمال من مختلف المناطق، الذين ثاروا ضد قرار الرسوم على العمالة الذي أصدره! سؤال صريح لك يا معالي الوزير: من الأولى بالجلوس معه ومناقشته والاستماع لمطالبه، رجال أعمال مستثمرون يديرون مشروعات متنوعة بالمليارات، تشمل محالَّ، وشركات، ومراكز ومطاعم، وغيرها، أم مجموعة من المتشددين الذين خالفوا جميع الأعراف الذوقية، بالاستئذان والحصول على موعد، وقاموا بالتجمع والدخول بشكل فوضوي وتهجّم عليك أحد حمقاهم وهدد بالدعاء عليك، وكل همهم هو زيادة بطالة السيدات رغم أنها تبلغ 70%؟! معالي الوزير: هل أصبح المواطنون طبقات، طبقة الملتحين وطبقة الحليقين؟ سؤال قد أوصف بسببه بالتطرف أو العنصرية، لكن تصرفات معاليك هي التي دفعتني لهذا. ما حدث في وزارة العمل وقبلها في التربية والتعليم والتعليم العالي يدفعنا للقول إن الحل الوحيد لمقابلة أي وزير دون موعد أو استئذان أو أدنى احترام للمعايير المهنية والمكان هو (بشت ولحية وثوب قصير).