إن الشك من الناحية العقلية عبارة عن مرحلة بينية يعجز فيها المخ عن إدراك المعلومة الحسية (بصرية أو سمعية أو لمسية أو شمية) والتأكد منها سواء بإثباتها أو نفيها، بمعنى عندما تتذوق طعم شيء تجهله نكهة معينة قد لا يستطيع المخ مطابقتها بما لديه من معلومات حول هذه المادة ويراوح في فترة زمنية للتأكد منها أو نفيها بأنها ليست طعم المادة الفلانية، وقد يعجز المخ في نفي معلومة أو إثباتها حول ممارسة سلوكيات معينة تشك فيها الزوجة حول زوجها، وهذه الحالة من الارتباك العقلي قد تطول وقد تقصر، والمهم في هذا كله من الناحية النفسية أن هذا الشك يرتبط بحالة وجدانية معينة تتسم بالقلق والتوتر والأفكار المستبدة أو التبرم، وهذا الارتباك من الناحية العقلية قد يستعيد صوراً وذكريات لها علاقة وأخرى ليس لها علاقة، فأحياناً يستدعي ذكريات لها علاقة بإثبات الموضوع وأحيانا يستدعى معلومات لها علاقة بنفيه، وهنا يدخل الإنسان في ارتباك بين الشك واليقين، إذاً الشك هو بالأساس حالة إدراكية عقلية ملتبسة بمشاعر وانفعالات، ويزداد الارتباك والتوتر كلما كان موضوع الشك له علاقة بموضوعات حساسة ومرتبطة بالحياة الخاصة للإنسان مثل الحياة الزوجية أو يبنى عليه اتخاذ قرارات مصيرية. وهناك أنواع من الشك مثل الشك العلمي، الشكوك الدينية، الشك في الذات، الشك في الآخرين. المعنى النفسي للشك بالمعنى الأخلاقي ينصب على القيم بينما بالمعنى السيكولوجي –النفسي- يرتبط بالأحاسيس والمشاعر والعواطف والانفعالات والشك من الناحية النفسية مثله مثل العديد من الصفات لا بد أن يأخذ الشكل الوسط أو المعتدل، وزيادة المعدل أو نقصانه يشكل شكلاً من أشكال المرض أو الاضطراب النفسي، ولكن انعدام حالة الشك لدى الإنسان أيضا مؤشر على أن الشخصية لديها سمات سلبية، والشك ليس بالضرورة أن يكون في الآخرين بل قد يكون حول الذات فقد يشكك الإنسان في ذاته وفي قدراته وفي كفاءته، وفي هذه الحالة قد يسمى انعدام الثقة بالذات أو في الكفاءة الذاتية. الفرق بين الشك المرضي والشك السوي يعتبر الشك كأي وظيفة ذهنية ظاهرة صحية، ودلالة على تمتع الفرد بقدرات ذهنية جيدة إذا مارس الشك بغير إفراط، ويتميز الشك السوي بأنه يستند إلى مقدمات ووقائع وإلى أسباب وجيهة، أما الشك المرضي يتميز بالعمومية، وبأنه انفعالي وغير موضوعي لأنه يستند على الانفعالات أكثر من الأسباب المنطقية، كما يتميز بالتعميم، إذا حصل موقف سلبي من شخص ما سوف يعمم على كل سلوكياته فقد يشك الرجل في تصرف زوجته من خلال سلوك بسيط، حركة أو ابتسامة، ويستمر هذا الارتياب حول كل سلوكيات الزوج. كما يتميز الشك المرضي بأنه شخصي -شخصنة الموضوعات والأحداث- أي أن الشكاك يفسر كل الأحداث وكل الأحاديث على أنها تدور حوله وهو المقصود منها، ويرتبط الشك بانعدام الثقة وبانعدام الأمن الداخلي، وقد تداهم الشكوك المرضية الإنسان العادي لكنه يبدأ في تفنيدها ويبدأ بدحضها، أما الشخص المضطرب تسيطر عليه الشكوك بشكل مستمر وتصبح أفكاراً وسواسية وتلح عليه بسلوكيات قهرية. خطورة الشك تكمن خطورة الشكوك عندما تتحول إلى سلوكيات قهرية وتدفع الشخص إلى القيام بأفعال سلبية، فقد يلجأ الزوج إلى تعنيف زوجته أو الانفصال عنها بناء على شكوك فكرية أكثر منها واقعية، وقد ينعدم الأمان والراحة في المنزل بسبب الزوجة، وقد يقدم الزوجان على متابعة الطرف الثاني ومراقبة وتفتيش أغراضه الشخصية مثل الجوال أو الثياب، وقد يصل التطرف ببعض الحالات لوضع أدوات تسجيل أو كاميرات مراقبة وبعض الأزواج يكلف الخدم والسواق لمراقبة زوجته، هنا تتحول الشكوك إلى سلوكيات قد تنغص الحياة الزوجية. وتتحول إلى معاناة شخصية ونفسية. الأسباب النفسية المواقف المسبقة والمتكررة: المواقف السلبية المتكررة تؤثر على الثقة بين الزوجين، كما أن الأحداث السلبية تجعل من الشخص متشائماً ولديه تعميم من الخبرات السلبية على كل الناس وكل الأحداث. نمط التفكير الشخصية تتميز بأنماط تفكير غير عقلانية أي تتميز بالتفكير المفلتر بمعنى أنه يركز على السلبيات أكثر من الإيجابيات، كما أنه يشخصن الموضوعات، أي أنه معني بكل الموضوعات، كما يتميز بالتفكير التشاؤمي بمعنى أنه يفترض السوء والسلبية في الآخرين مسبقا ولا يفترض حسن النية. نمط الشخصية الحدية والبرانويدية يختلف الشك باختلاف نمط الشخصية بغض النظر عن الظروف الباعثة للشك من عدمه فبعض الشخصيات أكثر من غيرها ميلا للشك، ومن هذه الشخصيات الشخصية الحدية تتميز بعقلية شكاكة في كل من حولها، وفاقدة الثقة في كل من حولها، أما الفصامي البرانويدي فلديه أعراض الاضطهاد ويشعر بأنه مضطهد ويشك في الآخرين بأنهم دائما ما يحيكون مؤامرات ضده. مظاهر الشك بين الزوجين تفتيش الأغراض الخاصة، كثرة الأسئلة. الاهتمام المزيف أو المبالغ فيه. استخدام الجواسيس (السواق – الخادمة – الأطفال). المفاجأة في العودة للمنزل. قطع وسائل الاتصال. كيف نعالج الشكوك بين الزوجين الصراحة القائمة على الحوار والنقاش. الثقة وممارسة الثقة. التطمين المستمر مع التأكيد للطرف الآخر بأدلة وشواهد مقنعة. محاربة الأفكار السلبية. الثقة بالنفس وبالآخرين. العلاج النفسي للحالات المرضية.