اكتشفت أن لدى زوجتي دواء خاصا بانفصام الشخصية، لكنها أكدت لي أنها تستعمله لمساعدتها على النوم حال إصابتها بالأرق. أخذتها إلى طبيب نفسي، فقال إنها مصابة بالأرق وليس أي شيء آخر. صبرت عليها حتى تنظم أوقات نومها وتتعود على الحياة الجديدة، خاصة أنها طيبة في معاملة والدي وأبنائي، علمًا أنها كانت متزوجة من قبل وطُلِّقت.. ومنذ فترة أصابتها حالة من الشك غير العادي نحوي، فتشك في أنني أخفي عنها أشياء في الكمبيوتر أو غير ذلك، وتتهيأ لها أشياء غير حقيقية، مثلا عندما أتحدث إلى أختي بالهاتف، تقول لي بعد ذلك إنها ليست أختك التي تتحدث إليها، وهكذا يتطور الشك يوميا. بدأ الشك لديها عندما أخذت دواء كان أحد الأطباء النفسيين وصفه لها ثم منعها من تناوله، إلا أنها تناولته على مراحل لمساعدتها على النوم، وهذا الدواء خاص بانفصام الشخصية يؤدي إلى تغيير كيمياء المخ. ذهبت بها مؤخرا إلى طبيب ولكنها لا ترتاح إليه، حيث وصف لها دواء لمساعدتها على التخلص من الشك، ولكن مازالت الحالة تتطور. فهي تشعر بالفشل في حياتها الزوجية السابقة ولم تعمل، وتشعر بأنها إنسانة فاشلة، أصبحت الآن لا أستطيع أن أفتح جهاز الكمبيوتر في المنزل لأنها تشك أنني أتحدث مع أحد، أو أني أتحدث عنها أمام أصدقائي وخلاف ذلك من الأوهام. لا شك أن الشك من السلوكيات الهادمة للحياة الزوجية، ولا بد من معالجته بحكمة، وهو ينتج عن عدم الثقة بالنفس، وبالتالي عدم الثقة بالآخرين حتى ولو كان أقرب الناس. وترجع مشكلة الشك إلى عدم الأمان النفسي الداخلي، وصاحبه شديد الحساسية للانتقاد والتوجيه، وغالبا يرجع الشك لعوامل في الطفولة ومشكلات تربوية رآها الشكاك منذ الصغر، أو مر بحالات فشل أعدمته في الثقة بنفسه والآخرين. ويجب أن تفرق بين الشك النابع من عدم الثقة بالنفس وكيفية معالجته، والشك الذي تطور حتى أصبح حالة مرضية مقلقة. ولا بد أن نعرف أن علاج الشكاك ليس سهلا، ولا سيما أن صاحبه لا يدرك أن لديه اعتلالا في طبعه وشخصيته، ولسهولة التعامل معه لا بد من الآتي: أولاً: الوضوح والصراحة. ثانياً: تجنب المزاح والهزل قدر الإمكان. ثالثاً: توجيهه بهدوء ولطف بخطورة أثر هذا السلوك. رابعاً: تجنب أي تصرف يثير شكوكه وريبته. ولكن إذا تطورت الحالة تصبح مرضاً، وتحتاج إلى طبيب نفسي للمتابعة. في حالة زوجتك من الواضح أن فشلها في الزيجة السابقة أثر عليها، وولَّد عندها شعورا باليأس والإحباط وعدم الثقة في نفسها وفيما تتعامل معه، وهذه مشكلة تحتاج منك إلى الصبر والحكمة والهدوء حتى تصل زوجتك إلى بر الأمان. أحييك على إخلاصك وأنك صبرت عليها لعلاج الأرق الذي كانت تعاني منه، ولكن أعتقد أن الموضوع أكبر من حالة الأرق، إذ ترسخ في عقلها وكيانها الفشل والإحباط وعدم الثقة مما جعلها تشك في كل تصرف يأتي منك، لذا أقترح: 1 - إعطاءها مزيدا من الاهتمام والتقدير حتى تشعر بالثقة بالنفس التي ستقودها إلى الثقة بالآخرين، وذلك من خلال تشجيعها الدائم على أي فعل تقوم به. 2 - ملاطفتها وإرشادها بأنك سعيد معها، وشكرك الدائم لها على معاملتها اللطيفة لأبنائك مما سيشعرها بأنها تفعل شيئا نافعا تنسى به تجربتها السابقة. 3 - التحدث معها بهدوء ولطف، وتشجيعها على الثقة فيك وعدم الشك أبدأ؛ لأن الحياة التي تقوم على الشك خالية من السعادة، وتوجيهها بأن الشك طاقة سلبية تؤثر على حياتكما، واحذر أن تتحدث أمامها ولو مطلقا بكلمات الفشل أو الإحباط؛ لأن هذا يذكرها بالحالة التي تعانيها. 4 - اجعل تصرفاتك معها كلها أمل وتفاؤل وبهجة بالحياة، واتفقا على نسيان ما فات بكل ما فيه، وبداية حياة جديدة مشرقة، وحاول أن تجعلها تستغرق في هذا الشعور لأنه سيبدل حالة اليأس والإحباط والخوف التي تعاني منه. 5 - لأن الشك معناه عدم يقين بالله، فلا بد من إحياء الوازع الديني، وأن يكون عندها يقين بالله، وما مرت به كان ابتلاء يمتحن به الله صبرها وكافأها الله بحياة أخرى جديدة لتثبت أنها جديرة بها، ولا يوجد إنسان فاشل وإنما هي مجرد خبرات نكتسبها ونجعلها تؤثر فينا، فلنطرد هذا باليقين بالله والاعتقاد الكلي بالنجاح والأمل، وأن كل ما حولنا جميل ومشرق فلننتهزه ونوظفه في سبيل الله. 6 - تشجيعها بكلمات تبين لها نجاحها وتفوقها ومهارتها، وأنها عضو نافع في المجتمع، ولا مانع من إشراكها في الأعمال الاجتماعية النسائية تحت إشرافك ومتابعتك حتى تشعر بأنها تحقق ذاتها في إسعاد الآخرين. أما فيما يتعلق بموضوع الأدوية.. فأقترح بأن تذهب بها إلى طبيب ترتاح هي إليه، وإفهامها أن ذلك لفترة مؤقتة؛ لأنه من الخطورة أن تقلل الدواء أو تمتنع عنه دون استشارة الطبيب، وتأكد بمجرد أن الطبيب يشعر بتحسن الحالة سيبطل الدواء ولكن بالتدريج، مع متابعتك بتنفيذها إرشادات الطبيب، كما تشجيعها في هذه الفترة أن تتبع إرشادات الطبيب حتى نصل إلى وقف جميع الأدوية، وتعود تدريجيا لحياة هادئة آمنة لها رسالة فيها يجب أن تتفرغ لها حتى تحظى بحب الله ورسوله. وأوصيك بتشجيعها على قيام الليل والدعاء ومناجاة الله سبحانه وتعالي والتمسك بالعطاء لأن في العطاء الخير حيث إنه يرد إليها بعطاء آخر المجيبة: ناهد عبدالعال الخراشي مستشارة أسرية