في قلب مراكش، وبالتحديد داخل زقاق في ساحة الفنا إحدى أعرق الساحات الشعبية في المغرب، يسترعي انتباهك أصوات قوية ورائحة تكاد تجعلك تتقيأ، إنها رائحة الجلود التي يتم تحضيرها لتصبح إحدى العلامات التجارية العالمية من لباس أو حذاء. حاولت «الشرق» الدخول إلى الساحة لمعرفة سر تحضير الجلود منذ البداية إلى أن تصبح سلعا معروضة في الأسواق، نصحنا مرافقنا أن نضع القليل من النعناع بجانب الأنف طوال مدة وجودنا في الساحة لأنه لا يمكن احتمال الرائحة، وكان ذلك فعلا. وتعرف دار الدباغة ب «دار الذهب» سابقا ويعود تاريخ بعض ديار الدباغة في مراكش إلى القرن الحادي عشر كدار الكبيرة للدباغة التي تزاول حتى الآن نفس العمل في تحضير الجلد الذي يُجفَّف في «باب الكيسة» أو «باب الحمرا» بعد أن يخرج من «القصرية»، وهي حفرة تشبه الصحن الكبير يوضع فيها الجلد. وكانت الجلود عادةً تجفّ في «باب الكيسة» حيث توجد تلّة مرتفعة، وبعد التجفيف تصل إلى مرحلة «الدلك» حيث يُزَال منها ما تبقى لكي تصبح لينة، وتُصنَع منها الألبسة وحافظات الورق والأحذية، وأفضل أنواع الأحذية أو البُلغة يسمى ب «الظهرية» أي وسط الجلدة.لكن العاملون في هذه الصناعة يعتقدون أنهم يعانون الظلم والحيف، حيث أخبرنا صادق، وهو شاب في العشرين، بمعاناته قائلا «أعمل بالدباغة منذ أربع سنوات إلا أن دخلي المالي في اليوم لا يتعدى 70 درهما «نحو 10 دولارات» أو أقل، وما نعاني منه هو العمل داخل القصريات خلال فترة الشتاء». وبنبرة غضبٍ، يصرخ إبراهيم المولدي «60 سنة» وهو يعبر عن معاناته هو وزملاؤه في حرفة الدباغة من غلاء المواد التي تُستخدَم في صباغة الجلود، قائلا «ندخل دار الدبغ كما لو كنا ندخل معركة حياة أو موت، هنا نشعر أننا أشبه ما نكون بعمال المناجم، ندخل كأننا موتى ونشعر بالامتنان عندما نخرج أحياء». ورغم الألم تظل دور الدباغة في المغرب أحد أهم الروافد السياحية التي تستقطب عديدا من السياح إليها وتُشعرهُم بالفرحة، ولكن تحت أنَّات هؤلاء العمال الذين رفضوا التقاط صورٍ لهم لرفضهم أن يتعامل السياح معهم كسلع. * عامل في الدباغة يعاين الجلود * عامل ينقل جلودا بعد تجفيفها * أحواض تسمى “القصريات" وتوضع فيها الجلود قبل تجفيفها (خاص - الشرق) * جلود بعد خروجها من القصريات * عمال دباغة يتبادلون الحديث أثناء عملهم الشاق (الشرق) * دار لدباغة الجلود في مراكش من الداخل * عامل جلود داخل قصرية قبل بدء مرحلة التجفيف