الدمام – أسامة المصري الإخوان يركزون على الإغاثة لأنها تتحكم في أموال يمكن من خلالها «شراء ولاءات» مهمة الديمقراطيين في سوريا ستكون صعبة بعد إسقاط النظام.. ودور السلفيين سيكون أساسياً كمال اللبواني حذر المعارض السوري البارز وعضو الائتلاف الوطني المعارض الدكتور محمد كمال اللبواني، من تحكم الإخوان المسلمين في أي حكومة سورية مؤقتة يتم تشكيلها بواسطة الائتلاف، واتهمهم بالسيطرة على مؤسسات المعارضة السورية والعمل بعقلية شمولية. وتوقع اللبواني، في حديثه ل»الشرق»، أن يتحول الإخوان إلى عائق أمام الثورة ووحدتها الداخلية، وقال إنهم لا يعملون بروح الائتلاف الوطني، مضيفاً «كانوا سبب عدم التفاف الثوار حول المجلس الوطني، واليوم يكررون المسألة مع الائتلاف». مبررات قيام الائتلاف وأكد كمال اللبواني أن تشكيل الائتلاف الوطني المعارض استهدف سد الفراغ السياسي والقانوني والعسكري حال سقوط نظام بشار الأسد بفعل الضربات العسكرية المتلاحقة من قِبَل الجيش الحر على كامل الساحة السورية. وذكر أن تشكيل الائتلاف جاء في ظل غياب القيادة العسكرية الموحدة لقوى المعارضة، والعمل التنظيمي للإدارات المدنية على الأرض المحررة، إضافة إلى عدم وجود مؤسسة قضائية بما يسببه ذلك من مشكلات عديدة. وأوضح أنه جرى نقاش مبادرة تشكيل الائتلاف مع عددٍ من سفراء الدول الصديقة للشعب السوري الذين دعموا الفكرة على أساس تشكيل جسد سياسي مصغر يشرف على حكومة مؤقتة ويكون بمثابة مؤسسة تشريعية ورقابية على عمل هذه الحكومة التي سيكون دورها تنفيذياً بحتاً، إضافة إلى العمل على توحيد القوى العسكرية لتكون نواة لجيش وطني وإنشاء مجلس قضاء أعلى موازٍ. وكشف اللبواني أن تدخل بعض الأطراف العربية حرّف المبادرة عن اتجاهها وأنتج الائتلاف بصورة تشبه كثيراً المجلس الوطني الذي كان الإخوان المسلمون، القوة السورية الوحيدة المنظمة في الخارج، يسيطرون عليه بما يملكونه من إمكانات مالية كبيرة وعلاقات دولية وعربية متشعبة. وأشارإلى أن كل مشكلات المجلس الوطني وما أصابه من تعطيل انتقلت إلى الائتلاف الجديد، وبيّن أن هذا التعطيل تجلى في النظام الداخلي للائتلاف لأن تعديله لا يمكن أن يتم إلا بتوفر أغلبية الثلثين من عدد الأعضاء الكلي «وهي النسبة التي لا يمكن توفرها إلا للإخوان وحلفائهم»، حسب قوله. وأضاف أن جماعة الإخوان تستمد نفوذها داخل الائتلاف ليس فقط من خلال وجودها العددي فيه، بل من خلال الشخصيات الإسلامية وغير الإسلامية التي تدور في فلكها وتوحي بتمثيل قوى ومكونات بعيدة عنها لكنها في النهاية تصوِّت لها، واستغرب قبول هذه الشخصيات بلعب هذا الدور المساند للإخوان. ورأى أن هذه الشخصيات التي تدور في فلك الإخوان تؤمن لهم أغلبية تصويت حقيقية رغم أنهم أقلية في الائتلاف، وتابع «هذا ما يقدم صورة مضللة عن التوازن داخل هذا الائتلاف، فهو عملياً مختلّ تماماً لصالحهم»، ودلل على ذلك بالقول «إن كل اللجان التي تم انتخابها داخل الائتلاف كانت لمصلحتهم، وإن أعضاءً في مكاتب الائتلاف تم تعيينهم بنفس الطريقة»، لافتاً إلى تركيز الإخوان على ملف الإغاثة لأنه يتحكم في أموال كبيرة يمكن استعمالها ل»شراء الولاءات». كما انتقد اللبواني رئاسة الائتلاف التي تضم خمسة أعضاء هم الرئيس وثلاثة نواب بالإضافة إلى أمين عام، وقال إنها لم تهتم حتى الآن بإيجاد مؤسسات ومكاتب لاتخاذ القرارات، وإنما تتصرف كبديل عن كل الائتلاف وتهمش بقية أعضائه عملياً. ورأى أن الائتلاف يفتقد إلى قواعد ضابطة للعمل داخله ولمواقف ثابتة موحدة أو برامج وخطط معينة يمكن أن توضع بين يدي الحكومة المؤقتة حال تم تشكيلها لأجل مواصلة الثورة. تحكم إخواني وحذر كمال اللبواني من أنه إذا لم يتم استكشاف آفاق تشكيل حكومة وطنية جامعة فإن أي حكومة ستأتي عن طريق الائتلاف سيتحكم فيها الإخوان بشكل كبير وسيقصون الآخرين، واقترح إلغاء فكرة الحكومة المؤقتة والاستعاضة عنها بمكاتب تنفيذية اختصاصية تتكون من جميع أعضاء الائتلاف الوطني بعد استكمال بنائه وضم مجموعات جديدة إليه أُهمِلَ تمثيلها بهدف كسر احتكار الإخوان وإلزامهم بالشراكة. وقال إن الأمور إذا سارت على هذا المنوال فإنه لا يتوقع أن تكون هناك انتخابات حرة بعد سقوط الأسد خاصة في حال استمرت حركة الإخوان في السيطرة على مؤسسات المعارضة والعمل بذات الأسلوب الذي تمارسه اليوم فيها، وأكمل «لديهم عقلية استئصالية واضحة، وهم شموليون، وفكرة المشاركة والاعتراف بالآخر غير موجودة لديهم، وكل ما يمارسونه هو الإصرار على حكم سوريا في المستقبل وحيدين»، ورأى أن من الطبيعي أن يسعى أي حزب للوصول للسلطة لكن الديمقراطي فقط هو من يقبل بالمشاركة والتداول. واتهم اللبواني الإخوان منذ بداية الثورة بالسعي إلى جعل السلاح حزبياً لا وطنياً، وأوضح أنه عندما طرح على المجلس الوطني عندما كان عضواً فيه قبل عام ضرورة تشكيل مكتب تحت اسم «مكتب حماية المدنيين» يعتني بتنظيم العمل المسلح ويشرف على تشكيل الجيش الحر الذي كان بدأ يتشكل لتوّه لكي يكون السلاح وطنياً ومنضبطاً، فما كان من الإخوان المسلمين إلا أن أنشأوا «هيئة حماية المدنيين» التابعة لتنظيمهم، فمر ذلك من دون اعتراض المجلس. وأضاف «كانت النتيجة صناعة ولاءات عسكرية لهم، ليرد آخرون بصناعة ولاءات أخرى كالسلفيين وغيرهم، ليفتحوا بذلك باب الفوضى وشرذمة العمل المسلح الذي صار من الصعب جداً توحيده بعد مضي عام كامل». دور قطري ويرى اللبواني أن من يقف وراء تحركات الإخوان ليست فقط قوة تنظيمهم بل الدعم الكبير من قطر ثم تركيا وفرنسا بدرجة أدنى، مضيفاً أن فرنسا كانت تنسق بشكل كامل مع قطر فيما يخص المجلس ومن بعده الائتلاف. ويعتقد اللبواني أن كل ما يجري تشكيله الآن من كيانات سياسية يجب أن يتم حله بعد إسقاط النظام، وأن أي حكومة ستُشكَّل يجب أن تنتهي صلاحياتها مع انعقاد جمعية وطنية عامة تكون سيدة نفسها بعيداً عن التدخلات الخارجية وعن سلطات صُنِعَت خارج سوريا في ظروف استثنائية، منبهاً إلى ضرورة إدارة المرحلة الانتقالية بقرار ثوار الداخل الذين دفعوا الدماء من أجل الحرية. وبالعودة لمبادرة المعارض رياض سيف لتأسيس الائتلاف، قال اللبواني «كان من المفترض أن تتشكل بالتوازي حكومة مؤقتة برئاسة شخصية معروفة تحظى برضا عربي ودولي، وأن يكون للائتلاف حق مراقبة عملها وفق ضوابط أهمها عدم التفاوض مع نظام الأسد أو إسرائيل، وأن تُحَل عند عقد مؤتمر الجمعية الوطنية في الداخل بعد سقوط النظام، وأن تحافظ على وحدة البلاد». ورأى اللبواني أن ما حدث بعد تشكيل الائتلاف هو بمثابة تخلٍّ عن المبادرة بفعل الدور الكبير للمجلس الوطني الذي يتحكم فيه الإخوان والتلكؤ في تسمية رئيس الحكومة الوطنية، «وهذا ما قد يجعل من الائتلاف عامل إعاقة أيضاً، فالضمانات كانت واضحة، وهي الاستعداد لمد الجيش الحر بالسلاح النوعي لإسقاط النظام، وكذلك التمويل الكافي للائتلاف والحكومة لتكون قادرة على فرض وجودها ومنع الفوضى»، حسب تأكيده. وحول مؤتمر مراكش الأخير، قال اللبواني إنه كان من المفترض الذهاب إلى مراكش بحكومة مؤقتة ليتم الاعتراف الدولي بالائتلاف والحكومة معاً، وتقديم الدعم المالي والعسكري، وأكمل «لكن مع إحباط مشروع الحكومة اكتفى المجتمع الدولي بدعم مالي بسيط ولم يتم التطرق إلى موضوع السلاح، وأصبح الائتلاف بهذه الطريقة معرقلاً لمبادرة رياض سيف التي كانت تقصد وضع حل عملي سريع للمأساة في سوريا في إطار ثوابت الثورة». وحول إمكانية التدخل الدولي في سوريا تحت مسمى قوات حفظ السلام، أرجع اللبواني هذا الطرح إلى السعي لضمان السيطرة على السلاح الكيماوي، وأضاف «هذا مطلب محق لما لهذا السلاح من مخاطر ونحن لا نريده ولا نريد استخدامه ضد أحد»، غير أنه أكد أنه في حال تجاوزت هذه القوات مهمتها المحددة وأرادت لعب دور للمحافظة على ما تبقى من النظام أو فرض حدود تقسيمية في سوريا، فسيكون للشعب رد آخر بالتأكيد. وتوقع اللبواني أن يدمر نظام الأسد دمشق قبل الخروج منها كما يفعل في حمص وحلب الآن، ورأى أن الحقد الفارسي على عاصمة الأمويين غير خفي على أحد. وثمَّن اللبواني موقف المملكة من الأزمة السورية، وقال «إن ما سمعناه من المسؤولين السعوديين يعبر عن موقف مبني على أساس إنساني وأخلاقي، فليس لدى الإخوة في المملكة أي شرط سياسي على كل ما يقدمونه للشعب السوري، وهم يؤكدون أن قرار السوريين ينبغي أن يكون مستقلاً وبعيداً عن التدخلات الخارجية، وأن لا تكون المعارضة السورية مطية لأحد»، ووصف موقف المملكة ب»مشرّف وصادق». وحذّر اللبواني في نهاية حديثه من خطر الفوضى التي ستقع فيها سوريا بعد إسقاط النظام، ورأى أن مهمة المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي ستكون فاشلة، كما توقع فشل المعارضة في تنظيم استقرار سوريا، ورجح المرور بمرحلة من الفوضى في ظل التعقيدات الحالية والتدخلات العربية والإقليمية والدولية. ورأى أن دور الجهاديين السلفيين سيكون أساساً في إسقاط النظام وما بعده، وتوقع أن يواجه الديمقراطيون مهمة صعبة، ورجح أن لا تعود سوريا إلى الاستقرار قبل إعادة ترتيب المنطقة سياسياً وعقائدياً وثقافياً مروراً بتحجيم الدور الفارسي والعبري الهدام في المنطقة.