الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة، صانع تونس الحديثة وعقلها السياسي البارد الذي لايزال طيفه يحوم حولها ويسيطر على عقول السياسيين فيها. قال بورقيبة للقذافي يوما: لماذا لاتبني المدارس بدلا من السجون؟ أجابه القذافي على ذمة الراوي: أتريدني أن أعلمهم فيثوروا عليّ! قال بورقيبة: أن يثور عليك متعلمون خير من أن يثور جهلة. بورقيبة (تصغير رقبة) كان قصير القامة رغم أن اسمه يوحي بعكس ذلك، ورغم هذا كان أول من تطاول على الاعتراف بموريتانيا مستقلة رغم أنف ملك المغرب الذي كان صديقا له. يروى أنه فاجأ الرئيس الفرنسي شارل ديغول في أول لقاء لهما في باريس بقصر قامته، وعندما عبر ديغول عن المفاجأة قائلا: لم أتخيل أنك قصير إلى هذه الدرجة، أجابه بورقيبة بالقول: أنا أطول من نابليون بونابارت بسنتيمتر واحد. وقد تطاول هذا القصير الذكي مرة في موضوع القضية الفلسطينية فأثبت أنه ثعلب سياسي، عندما نصح العرب والفلسطينيين في أوائل الخمسينيات بقبول قرار التقسيم رقم 181. ثارت ثائرة العرب كعادتهم حينها واتهموه بالخيانة العظمى.. معلوم أن القرار المذكور يعطي اليهود %49 من أرض فلسطين التاريخية ويعطي الفلسطينيين %49 أيضا ويبقي القدس تحت إشراف الأممالمتحدة بنسبة %2 من الأرض. اليوم الفلسطينيون والعرب يبكون على قرار التقسيم ولكن لا أحد يبكي على سياسي محنك مثل الحبيب بورقيبة.