رد الباحث في معالم المدينة التاريخية والسيرة النبوية عبدالله الشنقيطي، على ما ذكره مدير تعليم المدينة السابق، المؤرخ الدكتور تنيضب الفايدي، في حديثه المنشور في «الشرق» أمس الأول، حول محاضرة الشنقيطي نفسه التي ألقاها مؤخراً في نادي المدينةالمنورة الأدبي، بعنوان «شوران.. حرة أخفاها البركان». وقال الشنقيطي ل»الشرق»: أود أن أعتب على الدكتور تنيضب تجاوزه حدود أدب الخلاف، فاستخدم عبارات حادة تصل إلى حد القذف بالكذب والتحريف والسخرية بالمخالف، وهذا ليس من الحوار «بالتي هي أحسن» الذي نحن مأمورون به مع من يخالفنا في أصول الاعتقاد، فكيف بغيره من المسائل التي تختلف فيها وجهات النظر، إضافة إلى أنه تفرغ للتجريح الشخصي. وأضاف الشنقيطي أن تنيضب قد اعتمد في تعقيبه على ما نُشر في الصحف، ولم يرجع إلى أصل المحاضرة، وهذا متاح له باعتباره عضواً في النادي لينظر: هل ما نُشر موافق لما قيل أم مخالف له؟ أو بالاتصال الشخصي لتزويده بالأصل، ليكون في تعقيبه على بيّنة، ولو فعل، لما كان لتعقيبه محل، لأن ما نشر لا يعبر تماماً عما قيل فعلاً في المحاضرة. وحول حرة شوران، أكد الشنقيطي أنها «تقع فعلاً في شرق المدينةالمنورة، والأدلة على ذلك كثيرة لا يتسع المقام هنا لبسطها كلها، ولكن سنذكر بعضها باختصار شديد وبدون تفصيل: - قول محمد بن الحسن بن زبالة (توفي 262ه) «إن صدور وادي مهزور من حرة شوران». - فصّل ابن شبّة (توفي 262ه) صدور وادي مهزور فقال «وسيل مهزور يأخذ من الحرة من شرقيها، ومن هكر وحرة ضعة حتى يأتي أعلى حلاة بني قريظة». وهذا النص يعني أن صدور مهزور -والتي هي من شوران- تأتي من شرق الحرة الواقعة شرق المدينة؛ لأن «هكر» غدير مازال معروفاً إلى الآن يقع في وادي الشظاة (الخنق) شرق المدينة، وضعة (وردت في النُسخ المطبوعة صفة وصحتها ضعة وما زالت معروفة) تقع في الجنوب الشرقي للمدينة، وهذا يعني أن «شعبة مهزور» القادمة من «حرة ضعة» هي الفاصلة بين حرة شوران وحرة بني قريظة. - فَهِم المؤرخ الزين المراغي من قول ابن زبالة «إن صدور مهزور من حرة شوران» أن المراد بذلك الحرة الشرقية، وهو بالتأكيد لا يقصد «حرة واقم» المعروفة الآن بالحرة الشرقية، وإنما حرةٌ أخرى تقع شرق المدينة. - في كتاب المناسك للحربي «أما قناة فيجئ من القرقرة، ومن شوران، وهما لبني سليم فيفرغ في الغابة». وعلق الأديب حمد الجاسر على هذه الفقرة فقال «شوران، حرة تطل على سد معاوية، شرقي المدينة». - البركان الذي ثار قرب المدينة (عام 654ه) لا يمكن مشاهدته في بصرى الشام، والحديث لا يدل على إمكانية ذلك، فالحديث بلفظ البخاري «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيئ أعناق الإبل ببصرى»، فالحديث هنا لم يقل بأرض المدينة وحرار الحجاز تمتد إلى تخوم الشام، ومعرضة لأن يثور بركان في أي جزء من أجزائها الشمالية القريبة من الشام فتتحقق المعجزة النبوية، لذلك فإن تنزيل الحديث على بركانالمدينةالمنورة خطأ واضح.